{مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} [(٢) سورة الفلق]: أي من شر .. ، أي شرٍ من المخلوق لا يستعاذ بالله منه؟ أي شرٍ من المخلوق لا يستعاد بالله منه؟ {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ} [(٤) سورة الفلق]: أي نفاثةٍ في العقد لا يستعاذ منها؟
وكذلك قوله:{وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ} [(٥) سورة الفلق]: مع أن عموم هذا فيه بحث دقيق ليس هذا موضعه.
نكمل وإذا بقي وقت نرجع إلى هذا الدقيق.
يقول -رحمه الله-: ثم سورة الإخلاص فيها أربع عمومات؛ {لَمْ يَلِدْ} [(٣) سورة الإخلاص]: فإنه يعم جميع أنواع الولادة، كذلك {لَمْ يُولَدْ} [(٣) سورة الإخلاص]، كذلك {لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [(٤) سورة الإخلاص]: فإنها تعم كل أحدٍ، وكل ما يدخل في مسمى الكفؤ فهل في شيءٍ من هذا خصوص؟
يقول: ومن هذا الباب كلمة الإخلاص: كلمة الإخلاص التي هي أيش؟
(لا إله إلا الله) التي هي أشهر عند أهل الإسلام من كل كلام، وهي كلمة (لا إله إلا الله)، فهل دخل هذا العموم خصوص قط؟ هل دخل هذا العموم خصوص قط؟
فالذي يقول بعد هذا: ما من عامٍ إلا وقد خص إلا كذا وكذا، إما في غاية الجهل، وإما في غاية التقصير في العبارة؛ فإن الذي أظنه أنه إنما عنى من الكلمات التي تعم كل شيء كما أشرنا سابقاً:{خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [(٦٢) سورة الزمر]، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [(٢٥) سورة الأحقاف]، وما أشبه ذلك، {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [(٢٣) سورة النمل]، مع أن هذا الكلام ليس بمستقيم، مع أن هذا الكلام ليس بمستقيم، وإن فسّر بهذا، لكنه أساء في التعبير أيضاً؛ فإن الكلمة العامة ليس معناها أنها تعم كل شيء، وإنما المقصود أن تعمّ ما دلّت عليه، أي ما وضع اللفظ له، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
يقول: "ليس معناها أن تعم كل شيء، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}: ليس معناها أنها تعم كل شيء، {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ}: ليس معناها أنها أوتيت من كل ما يشمله اللفظ حتى ما يخص الرجال، وإنما هو في حدود الإمكان مما يناسبها. {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} [(٥٧) سورة القصص]، كل شيء على وجه الأرض يجبى إليها؟!!