فهذه: بسم الله الرحمن الرحيم، فهذه: في بعض النسخ: هذه، بدون الفاء، بسم الله الرحمن الرحيم، فهذه ورقات: وفي بعض النسخ: هذه ورقات، والفاء إن وجدت فهي واقعة في جواب (أما بعد) المقدرة التي يؤتى بها للانتقال من موضوعٍ إلى آخر، ومن أسلوبٍ آخر، أما بعد: فهذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من أصول الفقه: فالفاء واقعة في جواب (أما بعد): وأما: حرف شرط، وبعد: قائم مقام الشرط، وجواب الشرط الفاء وما دخلت عليه، ما دخلت عليه الفاء.
والإتيان بـ (أما بعد): سنة ثبتت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أكثر من ثلاثين حديثاً، فلا يليق بطالب العلم تركها، طالب العلم المؤتسي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- عليه أن يلازمها.
أما بعد: ولا تقوم الواو مقام أما، وإن جرى كثير من المؤلفين والمتحدثين على الاقتصار عليها دون أما، وأشار بعض من ألف من المتأخرين أنها تقوم مقامها، كما في شرح المواهب للزرقاني وغيره؛ نظراً لشيوعها وكثرتها، وإلا فالأصل (أما بعد).
ولا حاجة ولا داعي للإتيان بـ (ثم) قبلها، فإذا قلت: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، ما تقول ثم أما بعد، لا داعي لـ (ثم)؛ لأنها لم ترد بها النصوص، ولا توجد في أساليب أهل العلم من المتقدمين، وإن وجدت في بعض نسخ تفسير الطبري، لكنه لا داعي ولا حاجة إليها؛ النصوص الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ((أما بعد)) بدون (ثم).
إن احتيج إلى (أما بعد) مرة ثانية للانتقال إلى موضعٍ آخر وأسلوب آخر عطفت على ما قبلها (ثم أما بعد)، إذا قلتها في الموضع الأول:(أما بعد) واحتجت إليها للفصل بين الموضوعين أو الأسلوبين تقول: (ثم أما بعد) لا بأس، وأهل العلم مختلفون في أول من قالها على ثمانية أقوال نجملها في قول الشاعر:
جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عدّ أقوال وداود أقرب
ويعقوب أيوب الصبور وآدم ... وقس وسحبان وكعب ويعرب
أقرب الأقوال أنه داود -عليه السلام- وأنها فصل الخطاب الذي أوتيه.