أيضاً الرفع لا بد أن يكون بخطاب ثانٍ؛ فالنسخ من خواص النصوص؛ معروف أن الإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، والقياس كذلك؛ لأن النسخ من خواص النصوص، فالمنسوخ لا بد أن يكون ثابتاً بنص، والناسخ لا بد أن يكون ثابتاً أيضاً بنص، أما ما ثبت بالبراءة لا يقال له: نسخ لو نزل الحكم الشرعي بإلغائه، كما أن غير النصوص لا يمكن أن ينسخ به، فالإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، لكن قد يستدل أهل العلم بالإجماع على ترك العمل بخطاب ثابت، قد يستدل أهل العلم بالإجماع على ترك حكم ثابت بدليل شرعي على وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه؛ هناك أحاديث صحيحة أجمع أهل العلم على عدم العمل بها، هل يكون الإجماع ناسخاً لهذا الدليل؟ النسخ من خواص النصوص، كيف يجمع أهل العلم على ترك عمل بخبر ثابت؟
قالوا: لابد أن يوجد ناسخ، ولو لم نطلع عليه؛ إذ الأمة لا تجمع على ضلالة، فعلى سبيل المثال: الجمع بالمدينة من غير سبب، يقول النووي:"دل الإجماع على نسخه". قتل المدمن: يقول الترمذي: "أجمع أهل العلم على ترك العمل به"، يعني هل تركه أهل العلم معاندة، قالوا: ما يصلح ولا يناسب العصر ولا .. ؟
لا؛ لا بد أن يكون لهذا الإجماع مستندٌ، فالإجماع يدل على وجود ناسخ ولا ينسخ به.
على كل حال الخلاف في المسألتين معروف، وإن قال الترمذي: إنه ليس في كتابه مما أجمع على تركه سوى هذين الحديثين يعني حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة، وحديث معاوية في قتل الشارب.
بخطاب: الرفع لا بد أن يكون بخطاب، فيخرج ما رفع حكمه تبعاً لرفع التكليف، يقصد بذلك ما رفع فيه الحكم تبعاً لرفع التكليف، إما بموت أو جنون، شخصٌ جُنَّ، هل نقول: نسخت الصلاة؛ لأن الحكم ارتفع؟ جن شخص أو مات، نقول رفع التكليف بالصلاة؛ لأن الحكم ارتفع عنه؟
نعم الحكم ارتفع عنه، لكن بغير نص، وارتفع عنه -ارتفاع مناط التكليف- ارتفع مناط التكليف فارتفع التكليف.
كذلك يخرج به الأحكام الموقتة بوقت: المنع من البيع بعد النداء يوم الجمعة، هل نقول: إنه بعد الصلاة ينسخ الحكم؟ أو نقول من الأصل: هذا حكم مؤقت في هذا الوقت يرتفع بارتفاعه، فليس هذا من النسخ؟