وأجاب الشنقيطي -رحمه الله تعالى- عن آية صدقة المناجاة بأن الذي نسخ هو الوجوب، وأما استحباب الصدقة فهو باق لم ينسخ، فالنسخ إلى بدل .. ، فالنسخ حينئذ إلى بدل يعني من الوجوب إلى الاستحباب.
لكن من يقول بجواز النسخ إلى غير بدل كيف يجيب عن هذه الآية؟
يقول: إن الآية عامة خصصت بمثل هذا.
يجوز النسخ إلى ما هو أغلظ -كما يقول المؤلف-: كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفدية في أول الأمر، صوم رمضان لا يتعين؛ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [(١٨٤) سورة البقرة]، مخير الإنسان ولو كان يستطيع الصيام أن يصوم وبين أن يطعم، نسخ هذا إلى تعين الصوم، وأن من يستطيع الصوم لا خيار له، {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [(١٨٥) سورة البقرة]، كما يجوز النسخ إلى هو أخف كنسخ قوله تعالى:{إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ .. } إلى آخر آيتي المصابرة.
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
وجاز نسخ الرسم دون الحكم ... كذاك نسخ الحكم دون الرسم
ونسخ كل منهما إلى بدل ... ودونه وذاك تخفيف حصل
وجاز أيضاً كون ذلك البدل ... أخف أو أشد مما قد بطل
ثم قال -رحمه الله تعالى-: ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب ونسخ السنة بالكتاب: نسخ الكتاب بالكتاب ونسخ السنة بالكتاب وبالسنة، ويجوز نسخ المتواتر بالمتواتر والآحاد بالآحاد وبالمتواتر، ولا يجوز نسخ المتواتر بالآحاد: يجوز نسخ الكتاب: المراد به القرآن، بالكتاب: يعني يجوز نسخ آية بآية، كآيتي المصابرة.
ونسخ السنة بالكتاب: كنسخ استقبال بيت المقدس، استقبال بيت المقدس ثابت بالكتاب أو بالسنة؟ بالسنة، نسخ ما ثبت بالسنة من استقبال بيت المقدس بما ثبت بالكتاب من قوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(١٤٤) سورة البقرة]. ويجوز نسخ السنة بالسنة: اتفاقاً، ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها)).