إذا كانا عامين أو خاصين، أو أحدهما عام والآخر خاص من وجه، يعني بينهما عموم وخصوص من وجه، أما إذا كان بينهما عموم وخصوص مطلق هذا ما فيه إشكال، نعم، يوفق بينهما بحمل العام على الخاص.
الإشكال فيما إذا كانا عامين متساويين في العموم أو خاصين متساويين في الخصوص، أو بينهما عموم وخصوص وجهي، هذا محل البحث، أما إذا كان أحدهما عام والآخر خاص ما فيه مشكلة؛ يحمل العام على الخاص.
الحالات الأربع التي أشار إليها المؤلف بقوله: فلا يخلو إما أن يكونا عامين: وهذه هي الحالة الأولى، أن يكونا عامين متساويين في العموم بأن يصدق كل واحد منهما على ما يصدق عليه الآخر، ومثاله: حديث بسرة بنت صفوان: ((من مس ذكره فليتوضأ)) [والحديث صحيح مخرج في السنن ومصحح عند أهل العلم]، مع حديث طلق بن علي -رضي الله عنه- سئل عن الرجل يمس ذكره: أعليه الوضوء؟ قال:((لا؛ إنما هو بضعة منك)) [مخرج أيضاً في السنن وصححه جمع وحسن آخرون، فهو أقل في الرتبة من حديث بسرة].
فإن كانا عامين: فأمكن الجمع بينهما جمع، وإن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، فإن علم التاريخ فينسخ المتقدم بالمتأخر.
نأتي إلى مثالنا:((من مس ذكره فليتوضأ))، سئل عن الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء؟ قال:((لا)): هذا تعارض بين عامين، هل يمكن الجمع بينهما؟ هل يمكن؟ بعضهم جمع، صحيح، جمع بحمل الأمر بالوضوء على أيش؟ على أيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، على الاستحباب، والصارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب الحديث الثاني، الحديث الثاني حديث طلق، فإن أمكن الجمع بينهما جمع، وإن لم يمكن الجمع بينهما -شيخ الإسلام كأنه يميل إلى الجمع ويقول: إن الأمر بالوضوء على سبيل الاستحباب والصارف له حديث طلق بن علي- إن لم يمكن الجمع بينهما يتوقف فيهما.
طيب، هل نلجأ إلى التوقف لعدم إمكان الجمع قبل أن ننظر في وجوه الترجيح، وقبل أن ننظر في التاريخ؟
يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ، وعلى هذا يقدم القول بالنسخ -إن علم التاريخ- على التوقف، ويقدم عليهما الترجيح إن أمكن بوجه من وجوهه الكثيرة.