هنا الترجيح، رجح أهل العلم حديث ميمونة وحديث أبي رافع على حديث ابن عباس؛ لأن ميمونة صاحبة القصة -صاحبة الشأن- الإنسان يضبط ما يتعلق به أكثر من ضبطه لما يتعلق بغيره، فميمونة صاحبة الشأن لا شك أنها تضبط هذه القصة أكثر من ضبط ابن عباس، وأبو رافع كان السفير بينهما -بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وميمونة- الرسول، سفير بينهما، ورافع سفير بينهما -يعني رسول أرسله النبي -عليه الصلاة والسلام- يخطبها- فالمقصود أنه له علاقة بالقصة، فحديث ميمونة وما يشهد له من حديث أبي رافع مرجح.
أوجه الترجيح كثيرة جداً، يعني يرجح أهل العلم أحياناً بأدنى مرجح؛ قد يحتاج إلى أدنى مرجح لماذا؟ لرفع التعارض بين النصوص، ولذا كثرت المرجحات عند أهل العلم.
الحازمي في (مقدمة الاعتبار في معرفة الناسخ والمنسوخ من الآثار)، ذكر خمسين وجهاً من وجوه الترجيح، خمسين وجهاً من وجوه الترجيح.
وأوصلها الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- إلى المائة، لكن السيوطي حصرها في ثمانية أقسام، وجعل تحت كل قسم فروع، أقسام رئيسية؛ لتكون القسمة حاصرة يسهل يعني ضبط هذه الأقسام وهذه الأوجه بالأقسام الرئيسية، ثم ما تفرع عنها، وأحياناً نحتاج إلى الترجيح بالقشة؛ لأن الترجيح مهما كان ضعفه أولى من التوقف، على أن من أهل العلم من يستروح ويميل إلى العمل بالنصين معاً، يعمل بهذا أحياناً وبهذا أحياناً إذا خفي الترجيح، وبعضهم يتوقف، هذا إذا أمكن العمل بالنصين، أما إذا لم يمكن العمل بأن كان التعارض كلياً فإنه حينئذ لا يلجأ لمثل هذا.
إذا كان التعارض بين نطقين أحدهما عام والآخر خاص هذا ما فيه إشكال، ما في إشكال في هذه الحالة، ونؤكد على مسألة التعارض؛ لأنه قد يذكر العام ويأتي نص خاص موافق له في الحكم، هذا ما نحتاج إلى كبير عمل، ما نحتاج إلى أي عمل بالنسبة لهذا؛ لأن التنصيص على بعض أفراد العام لا يقتضي التخصيص لعدم وجود التعارض.