المؤلف -رحمه الله تعالى- قال: ونعني بالعلماء الفقهاء: نعني بالعلماء الفقهاء: وعلى هذا لا يعتبر اتفاق غيرهم -والغير يشمل جميع التخصصات، وإن كانت شرعية- فلا عبرة بإجماع المفسرين، ولا عبرة بإجماع المحدثين، ولا عبرة بإجماع علماء العقيدة، كل هذا على حدِّ كلامه -رحمه الله تعالى- ونعني بالعلماء الفقهاء: نعم من كانت همته مصروفة لرواية الحديث دون درايته ولا التفقه منه، ومن كانت همته مصروفة لفهم كلام الله -عز وجل- دون التفقه، يعني فهم المعاني وربط .. ، وتحريرها لفظياً من غير استنباط منها واستدلالاً بها، ما يبعد كلامه، لكن الفقهاء الحقيقيون هم العلماء وهم المفسرون، وهم المحدثون، نعم، ما عرف انفكاك هذه الجهات من بعضها بحيث يكون عالماً في علم، عامياً في علم إلا في العصور المتأخرة، وإلا فالأصل أن العلوم الشرعية مترابطة مترابطة؛ الفقيه على أي شيء يبني فقهه؟ على نصوص الكتاب والسنة، الفقيه إنما يبني فقهه على نصوص الكتاب والسنة.
كيف يكون فقيهاً وهو لا علاقة له ولا دراية بكلام الله -عز وجل- ولا كيف يعتمد في الأحكام ويؤصل ويؤسس وهو لا بضاعة له من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وعلى هذا قوله: العلماء: المقصود بهم من يجمع هذه العلوم بحيث يكون فقيهاً معتمداً على نصوص الكتاب والسنة، والمراد بالعلماء المجتهدون لماذا؟
لأن المقلد لا عبرة بوفاقه ولا خلافه، المقلد لا عبرة بقوله وفاقاً ولا خلافاً؛ لأنه تابع لغيره، فضلاً عن العوام، إذا كان من يعرف المسائل الفقهية من أول باب في كتب الفقه إلى آخر باب من الطهارة إلى الإقرار، لكن تفقهه على جهة التقليد وقبول قول الغير من غير حجة، مثل هذا لا عبرة به؛ العبرة بالمقلَّد، أما المقلد لا عبرة به، ولذا نقل ابن عبد البر الإجماع على أن المقلد ليس من أهل العلم؛ المقلد في حكم الناقل لقول غيره.