إذا كان للاجتهاد فيه مجال فلا يخلو إما أن يخالف هذا الصحابي من قبل غيره من الصحابة، وحينئذ يكون ليس بحجة لماذا؟؛ لأنه ليس قبول قول أحد الصحابة بأولى من قبول الصحابي الثاني، ليس قبول قول أحدهما بأولى من قول الآخر، هذا إذا عورض بمثله.
إذا قال الصحابي قولاً ولا يعرف له مخالف، إن انتشر ولم يخالَف فهو الإجماع السكوتي الذي سبق القول فيه، الشوكاني ذكر فيه أثني عشر قولاً على ما تقدم.
إذا قال الصحابي قولاً ولم ينتشر فيما يغلب على الظن لا يوجد في هذه المسألة سوى قول هذا الصحابي، ليس فيها نص مرفوع والمسألة مما للرأي فيه مجال ولم يعرف له مخالف من جنسه، فهذا محل الخلاف مما لم ينتشر، هذا محل الخلاف.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: ليس حجة على غيره على القول الجديد: يعني من قولي الشافعي، والقول الجديد عند الشافعية: هو ما قرره واعتنى به وأفتى به في مصر، بينما القول القديم هي أقوال الإمام الشافعي في العراق، والمعتمد عند الشافعية المقرر عندهم أن الفتوى على الجديد؛ لأن آخر الاجتهادين هو المعمول به عندهم إلا في مسائل يسيرة يفتون فيها على القول القديم وهي مدونة، هذه المسائل مدونة في مقدمة المجموع للنووي وفي الأشباه والنظائر للسيوطي وغيرهما، ومنظومة أيضاً.
المقصود أن الشافعي في قوله الجديد يرى أن قول الصحابي ليس بحجة، لماذا؟؛ لأن الحجة الملزمة في النصوص الشرعية -في الكتاب والسنة- والصحابي ليس بمعصوم عن الخطأ؛ الصحابي لم تضمن عصمته ليكون قوله غير قابل للنقيض للخطأ، وما دام الاحتمال قائماً -احتمال النقيض وهو الخطأ- فإنه حينئذ يكون قوله ليس بحجة، وهذا هو القول الجديد عند الشافعية، وهو رواية عن أحمد، واختارها جمع من الحنابلة.