المقصود أن السقط الظاهر الذي لا يخفى على آحاد المتعلمين، يقسم عند أهل العلم إلى أربعة أقسام؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون السقط من مبادئ السند من جهة المصنف وهو التعليق، أو من آخره -طرفه الأعلى- وحينئذ هو المرسل بالمعنى الأخص، أو في أثنائه فإن كان بواحد فهو المنقطع، ومثله لو كان بأكثر من واحد لا على التوالي هو المنقطع، وإن كان باثنين فأكثر على التوالي فهو المعضل.
هذا الانقطاع الظاهر، هناك انقطاع خفي، وهو الذي لا يدركه آحاد المتعلمين، وإنما يدرك بالخبرة والدربة ومعاناة هذا الفن، حتى تتكون لطالب العلم ملكة يدرك به مثل هذا السقط، فإذا روى الشخص عن من سمع منه أحاديث حديثاً لم يسمعه منه، روى نافع عن ابن عمر، سمع منه أحاديث كثيرة جداً، لكن روى عنه حديثاً لم يسمعه منه .. ، أنت تبحث في كتب الرجال تجد كلها تنص على أن نافع سمع من ابن عمر، يعني من باب أولى أن يكون لقيه وعاصره إلى آخره، هذا يسمى أيش؟ سمع منه، سمع منه؛ لأن للراوي مع من يروي عنه أربع صور، أربع حالات: إما أن يسمع منه حديثاً فيروي عنه ما لم يسمعه منه، أو يلقاه ولم يسمع منه، يعني لم يثبت أنه سمع منه، فيروي عنه، أو يعاصره معاصرة فقط، ولم يثبت لقاؤه له، فيروي عنه، أو لا تثبت المعاصرة؛ لأنها أربع صور، كل راوٍ مع من يروي عنه، نعم، لا يخرج عن هذه الصور الأربع: إما أن يكون سمع منه، أو يكون لقيه، أو عاصره، أو لم يعاصره، القسمة لا تخلو من هذا الأربع الصور.
فإذا روى عن شخص سمع منه ما لم يسمعه منه، ومثلنا بنافع عن ابن عمر، فهذا أيش؟ تدليس إجماعاً هذا، إجماعاً تدليس، إذا روى عن من لقيه، إذا روى عن من لقيه ما لم يسمعه منه -والشرط في جميع الصور أن تكون الصيغة موهمة- ما يقول: سمعت وإلا أخبرني؛ لأنه إذا قال: سمعت وإلا أخبرني -والمسألة مفترضة في ثقة- انتهى الإشكال يصير سمع هذا الخبر منه، لكن إذا أتى بصيغة موهمة، ودلت القرائن أو دلت الطرق الأخرى على أنه لم يسمعه منه، وأتى بصيغة موهمة، وقد سمع منه أحاديث نقول: دلس هذا الحديث، إذا روى عن من لقيه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة أيضاً هذا تدليس، هذا تدليس.