للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأقول: لعل مراده، لعل مراد الإمام أحمد الحد من الاسترسال في الأقيسة، لعل المراد، مراد الإمام أحمد -رحمة الله عليه- الحد من الاسترسال في الأقيسة التي تحول معاناتها دون حفظ النصوص وفهمها؛ لا شك أن الإنسان إذا استرسل في الأقيسة واستعمل هذه الأقيسة في كل مسألة، واستفرغ وبذل وسعه وأمضى جهده في هذا لا شك أن أنه على حساب النصوص؛ وكل شيء له ضريبة، يعني كوننا نعنى بالفقه وهو الأحكام العملية المستقاة من الكتاب والسنة، كون الإنسان -طالب العلم- ينفق وقته وجهده كله على فقه الأحكام العملية والعبادات والمعاملات إلى آخر أبواب الفقه، أليس هذا على حساب شيء؟

ما هو بعلى حساب حفظ الكتاب والسنة؟ فهم الكتاب والسنة؟ نعم إدامة النظر في الكتاب والسنة؟ ما هو هذا بعلى حساب هذا؟

وأعني الفقه المدون في كتب الفقه، وإلا الفقه المستنبط من الكتاب والسنة لا يعوق عن مدارسة الكتاب والسنة، بل هو من أعظم الثمرات التي تجنى من العلم بالكتاب والسنة.

فإذا كان الإنسان مثلاً ديدنه النظر في الإنصاف مثلاً، ونضرب المثل بالإنصاف لخلوه عن الدليل، اثنا عشر مجلد، كتاب مذهبي، يذكر المسائل يفرع المسائل يعلل للمسائل، يذكر ما في المذهب من روايات، يذكر من قال بها من الأصحاب، يذكر ما دونت فيه من الكتب، يستطرد في هذا كله، يعني تبي تنفق على الإنصاف كم سنة، اثنا عشر مجلد حتى تهضم الإنصاف؟ تبي لك عدد مجلدات من السنين، وهذا على حساب الكتاب والسنة، ولهذا قال الإمام أحمد: "يجتنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين المجمل والقياس".

ولا شك أن الفقه لا يستغني عنه طالب علم لا يستغني عن الفقه وكتب الفقه طالب علم، لكن يأخذ منه بقدر ما يعينه على فهم الكتاب والسنة؛ لأن الأصل هو الكتاب والسنة، فعليه أن يعتني بالأصل الذي هو الكتاب والسنة وما يعينه على فهم هذين الاصلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>