فلما ذكر القياس وعرفه وذكر أقسامه، وأنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قياس الدلالة، وقياس العلة، وقياس الشبه، تقدمت هذه الأنواع -تقدم شرحها-.
أردف ذلك بالشروط التي تشترط لصحة القياس، فذكر منها ما يتعلق بالفرع، ومنها ما يتعلق بالأصل، ومنها ما يتعلق بالعلة والحكم، واقتصر في كل واحد منها على شرط واحد؛ لأن الكتاب في غاية الاختصار، وقد ألف للمبتدئين، وإلا فالشروط كثيرة جداً.
شروط الأصل أوصلها الشوكاني إلى اثني عشر شرطاً، وشروط الفرع ذكر منها أربعة، وشروط العلة وصلت إلى أربعة وعشرين شرطاً، أربعة وعشرين شرطاً، فيكون المجموع أربعين، نعم، في كثير منها أو في بعضها نزاع بين أهل العلم، هل يشترط، أو هل يمكن إدراجه بغيره من الشروط، يمكن تداخل بعض هذه الشروط مع بعض؟ وبعضها فيه .. ، في إثباته نزاع، لكن ما يمنع أننا نطلع على هذه الشروط إجمالاً، التي ذكرها الشوكاني.
من شروط الأصل ما ذكره المؤلف، والمؤلف في ترتيبه قدم الفرع على الأصل، قال: ومن شرط الفرع، ثم قال: ومن شرط الأصل، يعني الأصل أن يقدم الفرع وإلا الأصل؟
طالب: الأصل.
نعم، الأصل هو الأصل على اسمه، ولا يقدم الفرع على أصله، كما أنه لا يقدم الولد على أبيه، لا يقدم الفرع على أصله، يعني ترتيب فني، وإلا ما يضر أن تقدم فرع وإلا أصل هنا، ولا تقول: خالفت السنة، ولا الأصل أكبر من الفرع ولا أصغر، نعم، كون الأصل ثابت بنص شرعي يقتضي تقديمه على الفرع الذي هو ثابت بقياس من هذه الحيثية، لكن لعل المؤلف نظر إلى هذه الأمور من وجهة، وهي أن الفرع هو المقصود بحثه بالذات في هذا الباب، يعني الأصل -المقيس عليه- هل يحتاج إليه في هذا الباب باعتباره محل بحث في هذا الباب، أو أن القياس إنما أوجد للفرع المقيس؟
يعني هل نحتاج إلى إثبات حكم الأصل في هذا الباب، أو نحتاج إلى إثبات حكم الفرع في هذا الباب؟