بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وأما الحظر والإباحة فمن الناس من يقول: إن الأشياء على الحظر، إلا ما أباحته الشريعة، فإن لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة فيستمسك بالأصل وهو الحظر، ومن الناس من يقولُ بضده، وهو أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما حظره الشرع، ومعنى استصحاب الحال: أن يستصحب الأصل عند عدم الدليل الشرعي.
وأما الأدلة فيقدم الجلي منها على الخفي، والموجب للعلم على الموجب للظن، والنطق على القياس، والقياس الجلي على الخفي، فإن وجد في النطق ما يغير الأصل وإلا فيستصحب الحال.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: درس اليوم في مسألتين:
أولاهما: الأصل في الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع، الأعيان المنتفع بها قبل ورود الشرع.
المسألة الثانية: في تعارض الأدلة، فيما إذا وجد الإنسان عيناً يمكن أن ينتفع بها، ولم يجد فيها نصاً يدل على إباحتها، ولا نصاً يدل على منعها، فهل ينتفع بها؛ بناءً على أن الأصل هو الإباحة، حتى يجد دليلاً على المنع، أو يكف عنها بناءً على أن الأصل المنع، والحظر حتى يجد دليل الإباحة.
هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، والخلاف فيها طويل، من العلماء من يقول: لا حلال إلا ما أحله الله، ومنهم من يقول: لا حرام إلا ما حرمه الله.
المؤلف -رحمه الله تعالى- لما ذكر هذه المسألة، فقال: وأما الحظر والإباحة فمن الناس من يقول أن الأشياء على الحظر إلا ما أباحته الشريعة: يعني ممنوع أن تتصرف في ملك الغير إلا بإذنه، وما خلقه الله -عز وجل- ملكٌ له، فلا يجوز أن تتصرف فيه إلا بإذنه، فأنت ممنوع من استعماله حتى تجد الدليل الذي يدل على إباحة استعماله، فإن لم يوجد في الشريعة ما يدل على الإباحة يتمسك بالأصل وهو الحظر، هذا قول.