القول الثاني: دليله أيضاً -وهو القول أن الأصل في الأشياء المنتفع بها الإباحة- دليله أيضاً ظاهر، خلق هذه الأمور، وذكرها على سبيل الامتنان من الله -عز وجل- وأن الله امتن بها، {خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} [(٢٩) سورة البقرة]، دل على أنه ينتفع بها، حتى يرد دليل المنع.
والثالث: التوقف؛ لأن دليل الفريقين متكافئ، أدلة الفريقين متكافئة.
الآن المسألة متصورة؟ دعنا من مسألة الضرورة، الضرورة لها حكمها، اضطر إلى أكل حشيش يأكل، مضطر، نعم، وجد شيئاً ضاراً لا يجوز له أكله، وجد شيئاً متساوي الطرفين لا يضر ولا ينفع، وأراد يجرب، لو قال قائل: يا أخي وأيش الفرق بين البرسيم -علف الأغنام- نعم، وبين الخس، أيش الفرق بينهن، أنت تأكل خس ولا تأكل برسيم، ليش ما نأكل برسيم؟ تقول له حرام وإلا حلال؟ وأيش تقول؟
نعم، ما يضر، مثل الخس، ويش تقول له، حلال وإلا حرام؟ ليش ما تشتهيه، والله الناس يشتهونه، وأيش المانع؟ يعني مسألة تعارفنا على أننا ما نأكله وصرنا ما نشتهيه، وعرفنا أنه طعام للدواب وتركناه من أجل هذا، نعم، يقول: والله أنا جائز لي البسه ما هو جائر لي أطعمه وأيش المانع، باكل، أبش تقول له: حرام وإلا حلال؟ أنت ما عندك دليل لا يبيح ولا يحرم، كل على أصله في المسألة.
من يقول: إن الأصل المنع يمتنع حتى يجد دليلاً يبيح، من يقول الأصل: الإباحة يأكل حتى يجد دليلاً يدل على الإباحة.
طالب:. . . . . . . . .
أنت وأيش يدريك أن ما عندهم دليل. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
أنت إذا اعتقدت هذا القول لا تأكله إلا بدليل، إذا اعتقدت هذا القول واعتمدته لا تأكل غلاً بدليل أو تقليد، تقلد من تبرأ الذمة بتقليده.
أظن أن المسألة ظاهرة، وذكرت لكم سابقاً أن واحداً علق على كتاب في هذه المسألة قال: كالحشيش، المؤلف مثل بالحشيش، والمعلق تكلم في أربع صفحات ينقل ما جاء في كتب أهل العلم عن الحشيش وأنها مسكرة، وأنها حرام إجماعاً، وأنها .. ، نعم، وهو قصده حشيش البَر، طالع رحلة وجاز له .. ، نوع من أنواع الحشائش يأكل وإلا ما يأكل؟ افترض أن نفعها مضمون لكن ما تضر قطعاً يأكل وإلا ما يأكل؟