يقدم الجلي، وهو ما اتضح المراد منه على الخفي: وهو ما خفي المراد منه، والموجب للعلم: وهو القرآن ومتواتر السنة على الموجب للظن: وهو ما ثبت من أخبار الآحاد على النطق: وهو قول الله وقول رسوله على القياس: الذي تقدم شرحه، إلا إذا كان النص عاماً فإنه يخص بالقياس.
يعني قدمنا القياس -قياس العبيد على الإماء- قدمنا هذا القياس على عموم قوله -جل وعلا-: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}.
القياس الجلي: وهو ما نص على علته، أو أجمع عليها، يقدم على القياس الخفي، وهو ما ثبت علته بالاستنباط، فإن وجد في النطق من الكتاب والسنة ما ينقل عن الأصل، إن وجد في النطق -الدليل من الكتاب والسنة- إن وجد فيهما ما ينقل عن الأصل الذي تحدثنا عنه قريباً وهو البراءة الأصلية، عمل بالنص، عمل بالنص الناقل عن الأصل، تركنا الأصل وعملنا بالنص، نعم؛ لأننا وجدنا ما ينقل عن هذا الأصل، وإن لم نجد نصاً ينقل عن الأصل فإننا نعمل بالاستصحاب، وهو العدم الأصلي الذي سبقت الإشارة إليه.
وقدموا من الأدلة الجلي ... على الخفي باعتبار العمل
وقدموا منها مفيدَ العلم ... على مفيد الظن أي للحكم
إلا مع الخصوص والعموم ... فليؤتى بالتخصيص لا التقديم
والنطق قدم عن قياسهم تفي ... وقدموا جليه على الخفي
وإن يكن في النطق من كتاب ... أو سنة تغيير الاستصحاب
فالنطق حجة إذا وإلا ... فكن بالاستصحاب مستدلاً
تفضل، تفضل أذن ....
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
ومن شرط المفتي: أن يكون عالماً بالفقه أصلاً وفرعاً، خلافاً ومذهباً، وأن يكون كامل الآلة في الاجتهاد، عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال الراوين، وتفسير الآيات الواردة في الأحكام والأخبار الواردة فيها، ومن شرط المستفتي: أن يكون أهلاً للتقليد، فيقلد المفتي في الفتيا: أن يكون من أهل التقليد، أن يكون من أهل التقليد فيقلد المفتي في الفتيا، وليس للعالم أن يقلد.