شدد ابن حزم والشوكاني في مسألة التقليد، يقول الشوكاني في تفسيره -فتح القدير في تفسير سورة الزخرف كلاماً طويلاً جداً-: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ* بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ* وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ* قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} [(٢١ - ٢٤) سورة الزخرف]، سئلوا فأجابوا بأنهم وجدوا آبائهم على هذا، ولن يغيروا ما وجدوا عليه آبائهم، ويشبه إلى حد كبير ما يتفوه به بعض متعصبة المذاهب، سواءً كانت المذاهب الأصلية أو الفرعية، تأتي له بالدليل -دليل المسألة- من الكتاب أو من الصحيحين أو من غيرهما، مما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيقول: هذا المذهب، هذا المذهب وعليه العمل، هذا المذهب وعليه العمل، وكل عمر الناس يفعلون كذا، طيب هل هذه حجج، هل هذه حجج تعارض بها النصوص؟ هذه يقولها بعض متعصبة المذاهب.
ماذا يقول الشوكاني، قال بعد أن فسر الآيات يقول: وهذا من أعظم الأدلة الدالة على بطلان التقليد وقبحه، فإن هؤلاء المقلدة في الإسلام إنما يعملون بقول أسلافهم، ويتبعون آثارهم، ويقتدون بهم، فإذا رام الداعي إلى الحق أن يخرجهم من ضلالة، أو يدفعهم عن بدعة قد تمسكوا بها، وورثوها عن أسلافهم بغير دليل نير، ولا حجة واضحة، بل بمجرّد قال وقيل لشبهة داحضة، وحجة زائفة، ومقالة باطلة، قالوا بما قاله المترفون من هذه الملل:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}.
الأمة -كما قال قتادة وأبو عبيد وغيرهم والجوهري- يقولون: الأمة الطريقة والدين، إنا وجدنا آباءنا على طريقة -على منهج- سائرين عليه، ولن نخالفهم، {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}.