ومثله: المحتضر حينما يعرض عليه تعرض عليه كلمة التوحيد؛ لأنه يخشى منه أن ينطق بكلمةٍ يخرج بها من دينه وهو في وضعٍ لا يناسب الشدة في الكلام، فيعرض عليه الكلام عرضاً برفق: يا فلان ألا تقول: لا إله إلا الله -برفق ولين- قل: لا إله إلا الله.
وبالمناسبة أبو زرعة الرازي -الذي أشرنا إليه قريباً- لما حضرته الوفاة هابوا أن يلقّنوه وهو في حال النزع -رحمة الله عليه- هابوا أن يلقّنوه، فاجتهد بعضهم فجاء بحديث التلقين وقلب إسناده، قلب الإسناد والشيخ في النزع- رحمة الله عليه- فصحح الإسناد وقال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله .. )) ففاضت روحه -رحمة الله عليه- فمثل هؤلاء وفي مثل هذا الظرف يهاب الإنسان ولا يتكلم بكلامٍ قوي يخشى منه الضرر. وقَسَم: وهو الحلف نحو: والله لأفعلن كذا.
يقول الناظم:
وقسم الكلام للإخبار ... والأمر والنهي والاستخبار
ثم الكلام ثانياً قد انقسم ... إلى تمنٍّ ولعرض وقسم
هنا قال: والكلام ينقسم إلى أمرٍ ونهي وخبر واستخبار وينقسم أيضاً: لماذا لم يسق الكلام مساقاً واحداً فقال: والكلام ينقسم إلى أمرٍ ونهي وخبر واستخبار وتمنٍّ وعرض وقسم؟ ثم قال: وينقسم أيضاً؟
يقول شارح النظم، من شارح النظم؟
عبد الحميد قُدس يقول: إنما أعاد الفعل بقوله:
ثم الكلام ثانياً قد انقسم ... إلى تمنٍّ. . . . . . . . . الخ
مع أن ما قبله وما بعده تقسيم واحد، فكان ينبغي أن يقتصر على قوله: وإلى تمنّ .. الخ؛ إشارةً إلى أن منهم من اقتصر على تقسيمه إلى ما تقدم، وأنه يزاد عليه انقسامه أيضاً إلى هذه المذكورات، يعني بعضهم حصر القسمة في الأربعة الأولى، فيؤتى بالمحصور، ثم يزاد عليه ما ينبغي زيادته.