وتابعته الناس حتى صار ... كتباً صغار الحجم أو كبارا
وخير كتبه الصغارِ ما سمي ... بالورقات للإمام الحرمي
وقد سئلت مدةً في نظمه ... مسهلاً لحفظه وفهمه
فلم أجد مما سئلت بدّا ... وقد شرعت فيه مستمدا
من ربنا التوفيق للصواب ... والنفع في الدارين بالكتاب
هذا النظم نظم سهل وسلس يحفظ به هذا المتن؛ لأن النظم في الغالب هو الذي يثبت بخلاف النثر، والعمريطي تصدى لنظم كثير من المتون، نظم الأجرومية بنظمٍ أيضاً كذلك نزر سهل سلس، وهذا النظم أيضاً مشروح، شرحه شخص يدعى عبد الحميد قدس من أهل مكة.
وقبل البدء بشرح الكتاب نذكر المبادئ العشرة التي جرت العادة بذكرها قبل البدء في كل فن؛ ليتصور هذا الفن ويعرف، وتعرف أهميته وقيمته، وهذه المبادئ يجمعها قول الناظم:
إن مبادئ كل علم عشرة ... الحد والموضوع ثم الثمرة
ونسبة وفضله والواضع ... والاسم الاستمداد حكم الشارع
مسائل والبعض بالبعض اكتفى ... ومن درى الجميع حاز الشرفا
فأول هذه المبادئ الحد: والمراد بالحد التعريف وتعريف هذا العلم سيأتي في كلام المصنف.
الموضوع –موضوع هذا العلم-: الأدلة الشرعية إجمالاً لا تفصيلاً، وكيفية الإفادة منها وحال المستفيد منها.
والثمرة من هذا العلم: القدرة على استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة، فالذي يضبط هذا العلم ويتقن علم الأصول لا شك أنه يستطيع أن يتعامل مع النصوص الشرعية ويعرف كيف يستنبط منها الأحكام.
ونسبته إلى غيره من العلوم التباين؛ فهو علم مستقل من وجه، وإن تداخلت بعض مباحثه ومسائله في علومٍ أخرى كما سيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
وفضله: كفضل غيره من علوم الشرعية التي جاء الحث على تعلمها وتعليمها في الكتاب والسنة؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وواضعه: الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله تعالى- في الرسالة –رسالته التي صنّفها في هذا العلم- وهي أيضاً تصلح أن تكون قاعدةً لكثيرٍ من مباحث علم .. ، علوم الحديث، وحكى الأسنوي وغيره الإجماع على ذلك، الإجماع على أن أول من صنف في الأصول الإمام الشافعي.