للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٣- "ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة" ١.

وفي لفظ عند أحمد: "لن يغلب قوم عن قلة يبلغون أن يكونوا اثني عشر ألفا".

وعند الدارمي: "وما بلغ اثنا عشر ألفا فصبروا وصدقوا فغلبوا من قلة".

وعند أبي يعلى: "وما هزم قوم بلغوا اثني عشر ألفا من قلة إذا صدقوا وصبروا".

وعند الواقدي: "ولا تغلب اثنا عشر ألفا من قلة كلمتهم واحدة" ٢.

ذلك أن هذا الحديث مقيد بقيدين وهما: "الصبر، والصدق". فإذا بلغ الجيش هذا العدد لا يغلب من قلة، إذا صبروا وصدقوا، بل ربما يكون عددهم أقل من هذا ويكون النصر حليفهم بالصبر والصدق، وإنما يغلبون لأمر آخر كالإعجاب بالكثرة وبما زين لهم الشيطان من أنفسهم من قدرتهم على الحرب وشجاعتهم وقوتهم ونحو ذلك.

والحاصل أن انتصار المسلمين مرتبط بأسباب وموانع، فإذا توفرت الأسباب وانتفت الموانع حصل النصر بإذن الله قل العدد أو كثر، كما قال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} ،٣. على أنه قد يقال بعدم التعارض مطلقا بين ما وقع في حنين، وما يتضمنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة" ذلك أن ما وقع في حنين ليس هزيمة كسر فيها المسلمون ولم يقم لهم بعدها قائمة في هذه المعركة، وإنما الذي حدث هو إدبار في بادئ المعركة، أعقبه بعد ذلك انتصار عظيم على الكفار، وغنيمة لما معهم، فمثل هذه الحال لا يقال فيها إنها هزيمة نهائية، وعليه فلا تعارض، وهذا أظهر واوجه. والله أعلم.

وحديث "لن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة" أخرجه أبو داود، والترمذي، وأحمد، وعبد بن حميد، وابن خزيمة، والطحاوي، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، كلهم


(أبو داود: السنن ٢٨٣٥ كتاب الجهاد، باب فينا يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا) .
ونص الحديث: "عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة".
(مغازي الواقدي ٣/٨٩٠) .
٣ سورة البقرة: ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>