للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند البخاري ومسلم من طريق شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق، قال رجل للبراء بن عازب - رضي الله عنهما -: أفررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين؟

قال: لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر، إن هوازن كانوا قوما رماة، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا١، فأقبل المسلمون على الغنائم، واستقبلونا بالسهام، فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفر فلقد رأيته وإنه لعلى بغلته البيضاء، وأن ابا سفيان آخذ٢ بلجامها والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

والحديث أخرجه أيضاً أحمد، وابن أبي عاصم، وأبو يعلى، والروياني، والطبري، وأبو عوانة: الجميع من طريق شعبة، عن أبي إسحاق٣.


١ هذا حديث صريح في أن المسلمين لم يفروا بمجرد التلاقي، بل قاتلوا المشركين حتى كشفوهم، ثم اشتغلوا بالغنائم، فانهال العدو عليهم بالسهام، وهو يدفع ما يوهمه حديث جابر وغيره من أن المسلمين فروا بمجرد ملاقاة الكفار لهم، وقد تقدم حديث جابر برقم (٥٨) . (انظر: الزرقاني: شرح المواهب ٣/١١) .
٢ قوله: "وأن أبا سفيان آخذ بلجامها" هكذا ورد من حديث البراء أن الذي كان آخذا بلجام البغلة هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ورد ذلك عند البخاري، ومسلم، والترمذي، والطيالسي، وابن سعد، وأحمد، والروياني، والطبري، وأبي عوانة، والبيهقي.
وورد في حديث العباس بن عبد المطلب عند مسلم وابن إسحاق وعبد الرزاق وابن سعد وأحمد وأبي يعلى والطبري وأبي عوانة: "أن الذي كان آخذا بلجام البغلة هو العباس، وكان أبو سفيان آخذا بركاب النبي صلى الله عليه وسلم"، وفي لفظ: "كان آخذا بغرز النبي صلى الله عليه وسلم" "والغرز هو الركاب".
وقد أجاب ابن حجر: "أن أبا سفيان كان آخذاً أوّلاً بزمامها، فلما ركضها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة المشركين خشي العباس فأخذ بلجام البغلة يكفها، وأخذ أبو سفيان بالركاب وترك اللجام للعباس إجلالا له لأنه عمه". (فتح الباري ٨/٣٠، والزرقاني: شرح المواهب ٣/١١) .
ووقع في منتخب كنز العمال ٤/١٦٦: عن ابن إسحاق قال: قال رجل للبراء: هل كنتم وليتم يوم حنين؟ ... الخ، وفي آخره: "وأبو سفيان بن حرب" يقود البغلة، أي بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فقوله: "ابن إسحاق" وقوله "أبو سفيان بن حرب يقود بغلته" خطأ، والصواب: "وإسحاق السبيعي، وأبو سفيان بن الحارث".
وعند البزار، وابن أبي شيبة من حديث بريدة بن حصيب قال: تفرق الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، فلم يبق معه إلا رجل يقال له زيد، وهو آخذ بعنان بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهباء - وعند ابن أبي شيبة - أهداها له النجاشي.
ولم ينعرض ابن حجر لهذه الرواية من حيث الجمع، ويمكن أن يقال لعل زيداً أيضا كان ممن أخذ بعنان البغلة. (كشف الأستار ٢/٣٤٧- ٣٤٨، وتاريخ ابن أبي شيبة ص٩١أ، والهيثمي: مجمع الزوائد ٦/١٨١ وقال: رواه البزار ورجاله ثقات، وعلي المتقي الهندي: كنز العمال ١٠/٣٥٢، ومنتخب كنز العمال ٤/١٦٧ مع مسند أحمد. وانظر ص: ١٧١.
٣ أبو يعلى: المسند ٢/١٨٩ رقم (٣٠٢) ، والروياني: مسند الصحابة ١/١١٢ رقم (٥٧٥) ، وتقدم تخريج الحديث برقم (٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>