للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدبرين فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركض١ بغلته قبل الكفار، قال عباس: وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أكفها إرادة ألا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أي عباس ناد أصحاب السمرة"٢ فقال عباس: - وكان رجلا صيتا٣- فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فوالله! لكأن٤ عطفتهم، حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك يا لبيك! قال: فاقتتلوا والكفار٥، والدعوة٦ في الأنصار يقولون: يا معشر الأنصار!


١ يركض بغلته: أي يضربها برجله الشريفة على كبدها لتسرع. (النووي: شرح صحيح مسلم ٤/٤٠١) .
٢ قوله: "ناد أصحاب السمرة"، هي الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان ومعناه: ناد أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية. (النووي: شرح صحيح مسلم ٤/٤٠٢) .
٣ رجلاً صيتاً: أي قوي الصوت. قال النووي: ذكر الحازمي في المؤتلف أن العباس - رضي الله عنه - كان يقف على سلع فينادي غلمانه في آخر الليلة وهم في الغابة فيسمعهم، قال: وبين سلع والغابة ثمانية أميال. (المصدر السابق ٤/٤٠٢) .
٤ قوله: "لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها: أي عودهم إلى أماكنهم وإقبالهم إليه - صلى الله عليه وسلم - عطفة البقرة على أولادها، أي كان فيها انجذاب مثل ما في الأمهات حين حنت على أولادها".
قال النووي: "قال العلماء: في هذا الحديث دليل على أن فرارهم لم يكن بعيدا، وأنه لم يحصل الفرار من جميعهم، وإنما فتح عليهم من في قلبه مرض من مسلمة أهل مكة المؤلفة، ومشركيها الذين لم يكونوا أسلموا، وإنما كانت هزيمتهم فجأة للانصبابهم عليهم دفعة واحدة ورشقهم بالسهام، ولاختلاط أهل مكة معهم ممن لم يستقر الإيمان في قلبه، وممن يتربص بالمسلمين الدوائر، وفيهم نساء وصبيان خرجوا للغنيمة فتقدم أخفاؤهم فلما رشقوهم بالنبل ولوا، فانقلبت أولاهم على أخراهم إلى أن أنزل الله السكينة على المؤمنين كما ذكر الله تعالى في القرآن". (المصدر السابق ٤/٤٠٢) .
قلت: "وفي هذا رد على من يقول بأن منهزميهم وصلوا مكة وهو الواقدي" (انظر مغازيه ٣/٩٠٣) .
٥ هكذا هو في النسخ وهو ينصب الكفار أي مع الكفار. (شرح النووي على صحيح مسلم ٤/٤٠٣) .
٦ والدعوة في الأنصار: هي بفتح الدال يعني الاستغاثة والمناداة إليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>