للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفيء: مأخوذ من فاء يفيء إذا رجع، وهو كل مال دخل على المسلمين من غير حرب ولا إيجاف"١.

وقال محمد الأمين الشنقيطي: "اعلم أن أكثر العلماء: فرقوا بين الفيء والغنيمة. فقالوا: الفيء ما يسره الله للمسلمين من أموال الكفار من غير انتزاعه منهم بالقهر، كفيء بني النضير.

وأما الغنيمة: فهي ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغلبة والقهر، وهذا التفريق يفهم من قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الآية مع قوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} ، [سورة الحشر، الآية: ٦] .

فإن قوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ} الآية. ظاهر في أنه يراد به بيان ما أوجفوا عليه، وما لم يوجفوا عليه كما ترى.

ثم قال رحمه الله: وعلى هذا القول فلا إشكال في الآيات، لأن آية {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} ذكر فيها حكم الغنيمة، وآية {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِه} ذكر فيها حكم الفيء.

وأشير لوجه الفرق بين المسألتين بقوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} أي فكيف يكون غنيمة لكم، وأنتم لم تتعبوا فيه ولم تنتزعوه بالقوة من مالكيه، ثم قال: وقال بعض العلماء، إن الغنيمة والفيء شيء واحد، فجميع ما أخذ من الكفار على أي وجه كان غنيمة وفيئا، وهذا قول قتادة رحمه الله، وهو المعروف في اللغة والعرب تطلق اسم الفيء على الغنيمة٢.

ثم قال: ولكن الاصطلاح المشهور عند العلماء هو ما قدمنا من الفرق بينهما وتدل له آية الحشر المتقدمة.


١ الجامع لأحكام القرآن ٨/١-٢ والفتاوى لابن تيمية ٢٨/٢٦٩ و٥٦٢، وتفسير ابن كثير ٢/٢٨٤ و٣١٠ وتكملة المجموع ١٨/١٣٦ لمحمد حسين العقبي وأضواء البيان للشنقيطي٢/٣٥٢، وروائع البيان للصابوني١/٥٨٨ وفتح القدير للشوكاني: ٢/٣٠٩، وجامع البيان للطبري ٩/١٧١ و١٠/٢.
٢ ومنه قول مهلهل بن ربيعة التغلبي:
فلا وأبي جليلة ما أفأنا
من النعم المؤبل من بعير
ولكنا نهكنا القوم ضربا
على الأثباج منهم والنحور
يعني أنهم لم يشتغلوا بسوق الغنائم ولكن بقتل الرجال، فقوله: أفأنا يعني غنمنا. (أضواء البيان ٢/٣٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>