للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} نزلت حين تشاجر أهل بدر في غنائم بدر".

ثم قال الشوكاني: "وقد حكى الإجماع جماعة من أهل العلم على أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين وممن حكى ذلك ابن المنذر١ وابن عبد البر والداودي٢ والمازري٣ والقاضي عياض وابن العربي"٤.

والأحاديث الواردة في قسمة الغنيمة بين الغانمين، وكيفيتها كثيرة جدا وقال القرطبي: ولم يقل أحد فيما أعلم - أن قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} الآية، وناسخ لقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية. بل قال الجمهور: إن قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} ، ناسخ وهم الذين لا يجوز عليهم التحريف ولا تبديل لكتاب الله ٥.

وقال محمد الأمين الشنقيطي: إعلم أن جماهير علماء المسلمين على أن أربعة أخماس الغنيمة للغزاة الذين غنموها، وليس للإمام أن يجعل تلك الغنيمة لغيرهم.

ويدل لهذا قوله تعالى: {غَنِمْتُمْ} فهو يدل على أنها غنيمة لهم، فلما قال: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} علمنا أن الأخماس الأربعة الباقية لهم لا لغيرهم، ونظير ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} أي: ولأبيه الثلثان الباقيان إجماعا، فكذلك قوله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} أي: للغانمين ما بقي، وهذا القول هو الحق الذي لا شك فيه، ثم أشار إلى الإجماع الذي ذكره الشوكاني ثم قال: وخالف في ذلك بعض أهل العلم وهو قول كثير من المالكية، ونقله عنهم المازري أيضا قالوا: للإمام أن يصرف الغنيمة فيما يشاء من مصالح المسلمين ويمنع منها الغزاة الغانمين، واحتجوا


١ ابن المنذر: هو أبو بكر محمد بن إبراهيم تقدمت ترجمته في حديث (٥٦) .
٢ هو أبو الحسين عبد الرحمن بن محمد بن مظفر الداودي (٣٧٤-٤٦٧) هـ (فتح الباري ١/٦ ومعجم المؤلفين لكحالة ٥/١٩٢.
٣ المازري هو أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المازري الفقيه المالكي كان ثقة متقنا، شرح صحيح مسلم بكتاب سماه "المعلم بفوائد كتاب مسلم" (ت ٥٣٦) (ابن خلكان: وفيات الأعيان ٤/٢٨٥) .
٤ هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الأشبيلي ابن العربي، العلامة الحافظ القاضي (٤٦٨-٥٤٣) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ ٤/١٢٩٤-١٢٩٨) .
٥ فتح القدير للشوكاني ٢/٣٠٩ وانظر أوجز المسالك إلى موطأ مالك للكندهلوي ٨/٣٠٨، وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٨/٢ و٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>