للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستقبله١ فزاده، فقال: يا رسول الله أي عطيتك خير؟ قال: "الأولى". فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يا حكيم بن حزام إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذها بسخاوة نفس وحسن أكلة بورك له فيه، ومن أخذه باستشراف نفس وسوء أكلة لم يبارك له، وكان الذي يأكل ولا يشبع، اليد العليا خير من اليد السفلى". قال: ومنك يا رسول الله، قال: "ومني". قال: "فوالذي بعثك بالحق لا أرزأ٢ بعدك أحداً شيئاً أبداً". قال: "فلم يقبل ديوانا ٣ ولا عطاء حتى مات" ٤.

فكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: "اللهم إني أشهدك على حكيم بن حزام أني ادعوه لحقه من هذا المال وهو يأبى، فقال: "إني والله لا أرزاك ولا غيرك، فمات حين مات وإنه لمن أكثر قريش مالاً"٥.

والحديث أخرجه الواقدي من طريق سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عن حكيم بن حزام قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين، مائة من الإبل فأعطنيها، ثم سألته مائة فأعطنيها، ثم سألته مائة فأعطنيها، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا حكيم بن حزام، إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه" الحديث.

ثم قال الواقدي أيضا وحدثني ابن أبي الزناد٦ قال: "أخذ حكيم المائة الأولى ثم ترك" ٧.


١ لعل الصواب: فاستقله.
٢ لا أرزأ: أي لا آخذ من أحد شيئا بعدك (النهاية ٢/٢١٨) .
٣ الديوان - ويفتح مجتمع الصحف، والكتاب يكتب فيه أهل الجيش، وأهل العطية، وأول من وضعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، جمعه دواوين ودياوين (القاموس المحيط ٤/٢٢٤) .
٤ قال ابن حجر: "وإنما امتنع حكيم من أخذ العطاء مع أنه حقه لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئا فيعتاد الأخذ فتتجاوز به نفسه إلى ما لا يريده ففطمها عن ذلك وترك ما يريبه، وإنما أشهد عليه عمر - رضي الله عنه - لأنه أراد أن لا ينسبه أحد لم يعرف باطن الأمر إلى منع حكيم من حقه" (فتح الباري ٣/٣٣٦) .
٥ المعجم الكبير للطبراني ٣/٢١٠.
٦ ابن أبي الزناد: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان.
٧ مغازي الواقدي ٣/٩٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>