للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استجلاب قلوب أتباعهم الذين كانوا يرضون إذا رضي رئيسهم فلما كان ذلك العطاء سببا لدخولهم في الإسلام ولتقوية قلب من دخل فيه قبل تبعهم من دونهم في الدخول، فكان في ذلك عظيم المصلحة". إهـ١.

١٩٤- "وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه" ٢.

ومن خلال ما سبق من النصوص التاريخية والأحاديث النبوية تبرز أمامنا حقيقتان:

الأولى: دقة نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمق معرفته بدخائل النفوس البشرية وما يقوم اعوجاجها، حيث أعطى تلك العطايا السخية ومنح تلك المنح الهائلة لأناس يعادونه، وكفار لم يدخلوا في دين الله بعد وآخرين يتألف بهم قومهم لعلهم يهتدون ويسلمون، وكانت النتيجة التي توخها صلى الله عليه وسلم من تخصيص هؤلاء الذين تألفهم بهذه العطايا أن أسلموا وحسن إسلامهم وكانوا جنودا صادقين في الدفاع عن الإسلام والانخراط في سلك المهاجرين والأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه كما دلت على ذلك النصوص السابقة.

وعلى وجه الإيجاز كانت تلك الأعطيات بردا وسلاما على نفوس أولئك النفر وشفاء لما في صدورهم من مرض الضلال وحب المادة وقد عبروا أنفسهم عن هذا الإحساس وهذا التحول النفسي الخطير حين قال بعضهم "أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وإنه لأبغض الخلق إلي، فما زال يعطيني حتى إنه لحب الخلق إلي" وكفى بهذه النتيجة العظيمة دليلا على حسن ذلك التقسيم للغنائم، وأنه واقع موقعه، وكيف لا يكون كذلك وهو عمل المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.


١ فتح الباري ٨/٤٩.
٢ صحيح مسلم ٤/١٨٠٦ كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا، وكثرة عطائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>