للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان خالد بن سعيد بن العاص، هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الذي كتب كتابهم، وكان خالد هو الذي كتب كتابهم بيده، وكانوا لا يطعمون طعاما يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا وفرغوا من كتابهم، وقد كان فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية، وهي اللات١ لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم فما برحوا يسألونه سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى سألوا شهرا واحد بعد مقدمهم، فأبى أن يدعها شيء مسمى، وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يتسلموا بتركها من سفائهم ونسائهم وذراريهم ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها، وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة، وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه٢، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا


١ اللات: "قال ابن كثير: "كانت اللات صخرة بيضاء منقوشة عليها بيت بالطائف له أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف، وهم ثقيف ومن تبعها يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش".
قال ابن جرير: "وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله، فقالوا: "اللات يعنون مؤنثة منه تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا".
وحكي عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس أنهم قرءوا اللات: "بتشديد التاء وفسروه بأنه كان رجلا يلت للحجيج في الجاهلية السويق فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه".
ثم قال ابن كثير: "وقد بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صخر ابن حرب، فهدماها وجعلا مكانها مسجدا بالطائف".
(تفسير بن كثير ٤/ ٢٥٣و٢٥٤) إهـ".
قلت: "جعل مكان اللات مسجدا: "جاء عند أبي داود وابن ماجه والطبراني والحاكم من حديث محمد بن عبد الله بن عياض عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طاغيتهم" (سنن أبي داود ٢/١١٨ كتاب الصلاة باب في بناء المساجد، وسنن ابن ماجه ١/٢٤٥كتاب المساجد، باب أين يجوز بناء المساجد والمعجم الكبير للطبراني ٩/٣٩، والمستدرك للحاكم ٣/٦١٨، والحديث فيه محمد بن عبد الله بن عياض الطائفي، وقال ابن حجر: "مقبول، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: "لا يعرف (التقريب ٢/١٧٩ وتهذيب التهذيب ٩/٢٧١ وميزان الإعتدال ٣/٦٠٢".
٢ وعند ابن قيم الجوزية: "فقال كنانة بن عبد ياليل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل أنت مقاضينا حتى نرجع إلى قومنا؟ "
قال: "نعم، أن انتم أقررتم بالإسلام أقاضيكم، وإلا فلا قضية ولا صلح بيني وبينكم"، وأنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص لهم الزنى، والربا والخمر، "فأبى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقال: "هي عليكم حرام وتلا الآيات الواردة في ذلك فارتفع القوم فخلا بعضهم ببعض، فقالوا: "ويحكم إنا نخاف إن خالفناه يوما كيوم مكة، انطلقوا نكاتبه على ما سألناه، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: "نعم لك ما سألت، أرأيت الربة - يعنون اللات- ماذا نصنع فيها؟
قال: "اهدموها" قالوا: "هيهات لو تعلم الربة أنك تريد هدمها لقتلت أهلها، فقال عمر بن الخطاب: "ويحك يا ابن عبد ياليل، ما أجهلك إنما الربة حجر، فقالوا: "إنا لم نأتك يا ابن الخطاب، وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "تول أنت هدمها، فأما نحن فإنا لا نهدمها أبدا، قال: "فسأبعث إليكم من يكفيكم هدمها" فكاتبوه (انظر زاد المعاد ٣/٥٩٦-٥٩٧) ، ومغازي الواقدي (٣/٩٦٦-٩٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>