للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجاله ثقات، لكن الحسن وهو البصري مدلس وقد عنعنه١".

قلت: "الحديث المشار إليه عند أبي داود وأحمد وهو أيضا عن أبي داود الطيالسي والطبراني وهذا سياقه عند أبي داود:

٢١٨- حدثنا أحمد٢ بن علي بن سويد - يعني ابن منجوف - اخبرنا أبو داود٣ عن حماد بن سلمة عن حميد٤ عن الحسن٥ عن عثمان بن أبي العاص أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد٦ ليكون أرق لقلوبهم٧، فاشترطوا عليه أن لا يحشروا٨ ولا يعشروا وألا يجبوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكم أن تحشروا ولا


١ تخريج أحاديث فقه السيرة للغزالي ص ٤٥٠".
٢ أحمد بن عبد الله بن علي بن سويد بن منجوف - بنون ساكنة ثم جيم وآخره فاء - أبو بكر السدوسي، صدوق، من الحادية عشرة (ت ٢٥٢) /خدس". التقريب ١/١٨ وتهذيب التهذيب ١/٤٨) .
٣ هو سليمان بن داود بن الجارود أبو داود الطيالسي". (تهذيب التهذيب ٤/١٨٢) .
٤ حميد بن أبي حميد الطويل أبو عبيدة تقدم في حديث (٢٢) .
٥ الحسن بن أبي الحسن أبو سعيد البصري تقدم في حديث (١٥٦) .
٦ عند الطيالسي "أنزلهم في قبة في المسجد".
٧ قوله: "ليكون أرق لقلوبهم" أرق هاهنا: "اسم تفضيل من أرقه إرقاقا بمعنى ألانه وإِلاَنَةً، وهو عند سيبويه قياس من باب أفعل مع كونه ذا زيادة، ويؤيد كثرة السماع كقولهم هو أعطاهم للدينار وأولاهم، للمعروف، وهو عند غيره سماع مع كثرته، قاله الرضي في شرح الكافية".
فالمعنى أي ليكون إنزالهم المسجد أكثر وأشد إلانة وترقيقا لقلوبهم بسبب رؤيتهم حال المسلمين وخشوعهم وخضوعهم واجتماعهم في صلواتهم وفي عباداتهم لربهم (عون المعبود ٨/٢٦٧) .
٨ أن لا يحشروا: "أي لا يجمعوا، والمراد به: "جمعهم إلى الجهاد، والنفير إليه، ولا يعشروا: "أي لا يؤخذ عشر أموالهم، وقيل: "أرادوا الصدقة الواجبة، ولا يجبوا: "بالجيم وتشديد الباء الموحدة، وأصل التجبية: "أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: "هو أن يضع يده على ركبتيه وهو قائم، وقيل: "هو أن ينكب على وجهه باركا، وهو السجود".
والمراد بقوله (لا يجبوا) أي أنهم لا يصلون، ولفظ الحديث يدل على الركوع، لأنه صلى الله عليه وسلم قال لهم في الجواب "ولا خير في دين ليس فيه ركوع" والأفعال كلها مبنية للمجهول".
ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا بعد واجبين في العاجل، لأن الصدقة إنما تجب بحول الحول، والجهاد إنما يجب بحضور العدو، وأما الصلاة فهي واجبة في كل يوم وليلة في أوقاتها المؤقتة فلم يجز أن يشترطوا تركها". وقد سئل جابر بن عبد الله عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد؟
فقال: "علم أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا انظر الحديث (٢٢٠) .
(جامع الأصول لأبن الأثير ٨/٤١٣-٤١٤ وعون المعبود لشمس الحق العظيم آبادي ٨/٢٦٧-٢٦٨) وروى الإمام أحمد في المسند ٥/٢٢٤، والطبراني في الكبير ٢/٣٢ من حديث بشير بن الخصاصية قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه قال: "فاشترط علي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أودي الزكاة، وأن أحج حجة الإسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله، الحديث وفيه فقلت: "أما الصدقة والجهاد فلا أطيقهما قال: "فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم حرك يده ثم قال: "فلا جهاد ولا صدقة فيم تدخل الجنة" قال: "فبايعته عليهن كلهن". قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/٤٢ رجال أحمد موثقون، قال ابن الأثير في النهاية ٣/٢٣٩-٢٤٠ فلم، يحتمل لبشير ما احتمل لثقيف، ويشبه أن يكون إنما لم يسمح له لعلمه أنه يقبل إذا قيل له وثقيف كانت لا تقبله في الحال، وهو واحد وهم جماعة فأراد أن يتألفهم ويدرجهم عليه شيئا فشيئا".

<<  <  ج: ص:  >  >>