للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٨- فقد ورد في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟

قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كُلال١، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق٢ إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليّ ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين٣، فقال النبيصلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ٤.


١ قوله: "ابن عبد يا ليل" بتحتانية وبعد الألف لام مكسورة، ثم تحتانية ساكنة ثم لام، و"ابن عبد كلال" بضم الكاف وتخفيف اللام وآخره لام، واسمه كنانة. والذي في المغازي أن الذي كلمه هو عبد يا ليل نفسه. وعند أهل النسب أن عبد كلال أخوه لا أبوه، وأنه عبد يا ليل بن عمرو بن عمير بن عوف، ويقال اسم عبد يا ليل: مسعود، وله أخ أعمى له ذكر في السيرة في قذف النجوم عند المبعث النبوي. وكان عبد يا ليل من أكابر أهل الطائف من ثقيف. (ابن حجر: فتح الباري ٦/٣١٥) . انظر سيرة ابن هشام ١/٤١٩.
٢ قوله: "فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب" أي لم أفطن لنفيسي ولم أنتبه لحالي إلا وأنا بقرن الثعالب لكثرة همي الذي كنت فيه. وقرن الثعالب: هو قرن المنازل وهو ميقات أهل نجد، ويقال له الآن وادي السيل. (فتح الباري ٦/٣١٥. والنووي: شرح مسلم ٤/٤٣٨) .
٣ الأخشبان: بالمعجمتين، هما جبلا مكة أبو قبيس والذي يقابله، وكأنه قُعَيْقِعَان. وقال الصاغاني: "بل هو الجبل الأحمر الذي يشرف على قعيقعان، ووهم من قال: هو ثور كالكرماني، وسميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما، والمراد بإطباقهما أن يلتقيا على أهل مكة، ويحتمل أن يريد أنهما يصيران طبقاً واحداً". ابن حجر: (فتح الباري ٦/٣١٦) .
وقال عبد الله بن خميس: أما أخشبا مكة فهما (أبو قبيس) و (قعيقعان) وما يتصل من الجبال المشرفة على مكة غربا وشرقا. (المجاز بين اليمامة والحجاز ص٣٢٢) .
٤ البخاري: (الصحيح ٤/٩١ كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء ... الخ، ٩/٩٥ كتاب التوحيد، باب وكان الله سميعاً بصيراً) . ومسلم: (الصحيح ٣/١٤٢٠ كتاب الجهاد والسير) .

<<  <  ج: ص:  >  >>