للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجلست عليه، فسألت من هذه؟ قالوا أمه التي أرضعته١.

فلو صح هذا الحديث لكان صريح في السماع أبي الطفيل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن قصة الجعرانة، وقصة هدم العزى كانتا في وقت واحد، لأن هدم العزى كان قبل خروج رسول الله - صلى الله عليه مسلم - إلى غزوة حنين، وقصة الجعرانة كانت في وقت تقسيم الغنائم التي غنمها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-من غزوة حنين، ولكن الحديث لم يصح لأن فيه جعفر بن يحيى بن ثوبان، وعمارة بن ثوبان، وكلاهما مجهول الحال٢.

ولذا فقد جزم ابن السكن٣ برؤية أبي الطفيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون سماعه منه، فقال: جاءت عنه روايات ثابتة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم٤، وأما سماعه منه صلى الله عليه وسلم فلم يثبت٥.

وعلى هذا فيكون أبو الطفيل لم يسمع حديث خالد بن الوليد لهدم العزى من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وعليه فيكون الحديث من مراسيل الصحابة وهو مقبول على المعتمد سواء أكان الصحابي الذي أرسل الحديث صغيرا أم كبيرا لم يشهد الحادثة لتأخر إسلامه.

قال النووي: في آخر كلامه على الحديث المرسل: "هذا كله في غير مرسل الصحابي، أما مرسله فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح"٦.

قال السيوطي: "قوله أما مرسله" أي مرسل الصحابي وذلك كإخباره عن شيء


(أبو يعلى: المسند ١/١٠٧ أ) . والحديث أيضا عند البيهقي، وفيه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم نعماً بالجعرانة. (البداية والنهاية لابن كثير٤/٣٦٤) . والظاهر: أن "نعما" أولى من "لحما".
(الذهبي: ميزان الاعتدال ١/٤٢٠) . ابن حجر: التقريب ١/١٣٢، ٢/٤٩، تهذيب التهذيب ٢/١٠٩، ٧/٤١٢.
٣ ابن السكن: هو الحافظ الحجة أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي، نزيل مصر (٢٩٤- ٣٥٣) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ ٣/٩٣٧، وكحالة: معجم المؤلفين ٤/٢٢٧) .
٤ ثبتت رؤيته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح ٢/٩٢٧، وأحمد: المسند ٥/٤٥٤ من طريق معروف بن خَرَّبُوذ قال: سمعت أبا الطفيل يقول: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن" لفظ مسلم، وزاد أحمد: "وأنا غلام شاب".
(ابن حجر: الإصابة ٤/١١٣، وتهذيب التهذيب ٥/٨٣) .
(تقريب النووي ص١٢٦ مع تدريب الراوي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>