للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتيت به سعداً فخطب سعد أصحابه ثم قال: "هذا سلب شبر بن علقمة فهو خير من أثنى عشر ألف درهم، وإنا قد نفلناه إياه" قالوا: "فلو كان السلب للقاتل قضاء من النبي صلى الله عليه وسلم، لما أضاف الأمراء ذلك التنفيل إلى أنفسهم باجتهادهم ولأخذه القاتل دون أمرهم".

٢٨٥- ما ذكره مالك في الموطأ قال: "لم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل قتيلا فله سلبه" إلا يوم حنين١.

هذا أهم ما استدل به المالكية والحنفية على ما ذهبوا إليه من أن القاتل لا يستحق سلب قتيله إلا إذا قال الإمام قبل القتال من قتل قتيلا فله سلبه٢.

ورد القائلون - باستحقاق السلب للقاتل مطلقا- على هذه الأدلة بما يأتي:

أ- حديث أبي قتادة، أجاب عنه ابن قدامة بقوله: "وأما أبو قتادة؛ فإن خصمه اعترف له به وصدقه فجرى مجرى البينة ولأن السلب مأخوذ من الغنيمة بغير تقدير الإمام واجتهاده فلم يفتقر إلى شرطه كالسهم٣".

وأجاب القرطبي عنه بقوله: "سمعت شيخنا عبد العظيم المنذري يقول: "إنما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أبا قتادة سلب قتيله بشهادة الأسود٤ بن خزاعى وعبد الله٥ بن أنيس، وعلى هذا يندفع النزاع، ويزول الإشكال ويطرد الحكم٦".إهـ.


١ موطّأ مالك ٢/٤٥٥ كتاب الجهاد، باب ما جاء في السلب في النفل". وانظر: "هذه الأدلة في شرح معاني الآثار للطحاوي ٣/٢٢٧ والمغني لابن قدامة ٨/٣٩٣، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٨/٦-٧، ونصب الراية للزيلعي ٣/٤٣١-٤٣٤، وفتح الباري لابن حجر٦/٢٤٧-٢٤٨، وأضواء البيان للشنقيطي ٢/٣٩٠-٣٩٣، والمحلى لابن حزم ٣/٥٤٧-٥٥٣، والأم ٤/٦٧-٦٨".
٢ إلا أن هذا القول عند مالك رحمه الله يكون بعد انقضاء الحرب، كما تقدم في ص ٦٤٧".
٣ المغني ٨/٣٩٣و٣٩٦".
٤ الأسود بن خزاعى الأسلمي حليف بني سلمة من الأنصار".
قال ابن حجر: "ذكره موسى بن عقبة عن الزهري فيمن قتل ابن أبي الحقيق، وسماه ابن إسحاق: "خزاعي بن الأسود وكذلك معمر عن الزهري، وذكر الواقدي أنه شهد لأبي قتادة بسلب قتيله يوم حنين". (الإصابة ١/٤٢-٤٣) .
٥ عبد الله بن أنيس الجهني أبو يحيى المدني حليف بني سلمة من الأنصار بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن نبيح الهذلي فقتله". (الإصابة ١/٤٢-٤٣ و٢/٢٧٨-٢٧٩ ومغازي الواقدي ٣/٩٠٨) .
٦ الجامع لأحكام القرآن ٨/٩ وقال: "وأما المالكية؛ فيخرج على قولهم أنه لا يحتاج الإمام فيه إلى بينة، لأنه من الإمام ابتداء عطية فإن شرط الشهادة كان له، وإن لم يشترط جاز أن يعطيه من غير شهادة، وانظر: أضواء البيان للشنقيطي٢/٣٩٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>