للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- حديث عبد الرحمن بن عوف في قصة قتل أبي جهل".

قال الزيلعي: "أجاب عنه البيهقي في "المعرفة" بقوله: "وهذا حجة لهم فيه، فإن غنيمة بدر كانت للنبي صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب يعطي منها من يشاء، وقد قسم لجماعة لم يشهدوا، ثم نزلت الآية في الغنيمة بعد بدر، وقضى - عليه السلام - بالسلب للقاتل، واستقر الأمر على ذلك، ويجوز أن يكون أحدهما أثخنه، والثاني جرحه بعد، فقضى بسلبه للأوّل١".إهـ".

وأجاب ابن حزم بقوله: "قال: "أبو محمد: "ولا حجة لهم في هذا كله، وأين يوم بدر من يوم حنين وبينهما أعوام؟ وما نزل حكم الغنائم إلا بعد يوم بدر فكيف يكون السلب للقاتل٢".

وقال ابن حجر: "أجاب الجمهور عن هذا الحديث بأن في سياق دلالة على أن السلب يستحقه من أثخن في القتل ولو شاركه غيره في الضرب أو الطعن".

قال المهلب٣: "نظره صلى الله عليه وسلم في السيفين واستلاله لهما هو ليرى ما بلغ الدم من سيفيهما ومقدار العمق دخولهما في جسم المقتول ليحكم بالسلب لمن كان في ذلك أبلغ، ولذلك سألهما أولا هل مسحتما سيفيكما أم لا؟ لأنهما لو مسحاهما لما تبين المراد من ذلك وإنما قال: "كلاكما قتله" وإن كان أحدهما هو الذي أثخنه ليطيب نفس الآخر".

وقال الإسماعيلي ٤: "أقول إن الأنصاريين ضرباه فأثخناه٥ وبلغا به المبلغ الذي يعلم معه أنه لا يجوز بقاؤه على تلك الحال إلا قدر ما يطفأ، وقد دل قوله: "كلاكما قتله" على أن كلا منهما وصل إلى قطع الحشوة٦ إبانتها أو بما يعلم أن عمل كل من سيفيهما كعمل الآخر، غير أن أحدهما سبق بالضرب فصار في حكم المثبت


١ نصب الراية ٣/٤٣٢".
٢ المحلى ٧/٥٥٠".
٣ هو القاضي أبو القاسم المهلب بن أحمد بن أبي صفرة التميمي الفقيه الحافظ المحدث العالم المتفنن، شرح البخاري واختصره اختصارا مشهورا وله تعليق على البخاري حسن، (مات سنة ٤٣٥أو ٤٣٦) . (شجرة النور الزكية في طبقات المالكية ص ١١٤ ومقدمة البخاري ١/١٢٧) .
٤ هو الإمام الحافظ الثبت شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الإسماعيلي الجرجاني، له تخريج على صحيح البخاري، ولد عام ٢٧٧ ومات سنة ٣٧١هـ". (تذكرة الحفاظ للذهبي ٣/٩٤٧-٩٥١) .
٥ أثخناه: "أي أثقلاه بالجراح". (النهاية ١/٢٠٨) .
٦ الحشوة: "بالضم والكسر: "الأمعاء". (المصدر السابق ١/٣٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>