للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجراحه حتى وقعت به ضربة الثاني فاشتركا في االقتل، إلا أن أحدهما قتله وهو ممتنع والآخر قتله وهو مثبت فلذلك قضى بالسلب للسابق إلى إثخانه١".

جـ وأما حديث عوف بن مالك الأشجعي في قصته مع خالد بن الوليد، فأجاب الخطابي عنه بقوله: "إنما منع عليه السلام خالدا في الثانية أن يرد على عوف سلبه زجرا لعوف، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة، لأن خالدا كان مجتهدا في صنعه، لما رأى فيه من المصلحة، فأمضى عليه السلام اجتهاده، واليسير من الضرر يحتمل الكثير من النفع، قال: "ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد عوض المددى من الخمس الذي هو له وترضى خالدا بالنصح له والتسليم الحكم له في السلب ٢".

وأجاب عنه ابن حزم بقوله:

قال أبو محمد: "لا حجة لهم في هذا، بل هو حجة عليهم لوجوه:

أوّلها: "أن فيه نصا جليا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل وهذا قولنا".

وثانيها: "أنه عليه السلام أمر خالدا بالرد عليه".

وثالثها: "أن في نصه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بأن لا يرد عليه، لأنه علم أن القاتل صاحب السلب أعطاه بطيب نفس ولم يطلب خالدا به، وأن عوفاً يتكلم فيما لا حق له فيه وهذا هو نص الخبر".

ورابعها: "أنه لو كان كما يوهمون لما كان لهم فيه حجة، لأن يوم حنين الذي قال فيه عليه السلام "من قتل كافرا فله سلبه" كان بعد يوم مؤتة٣ بلا خلاف". ويوم حنين كان بعد فتح مكة" ... فيوم حنين حكمه ناسخ لما تقدم لو كان خلافه٤".

د- وأما حديث شبر بن علقمة وقول سعد بن أبي وقاص إنا قد نفلناه إياه فأجاب عنه ابن قدامة بقوله: "أما خبر شبر فإنما أنفذ له سعد ما قضى له به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه نفلا لأنه في الحقيقة نفل لأنه زيادة على سهمه٥".


١ فتح الباري ٦/٢٤٨ وشرح النووي على صحيح مسلم ٤/٣٥٥".
٢ الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي ص٢٢٥ ونصب الراية للزيلعي ٣/٤٣٢".
٣ كانت غزوة مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة". (سيرة ابن هشام ٢/٣٧٣) .
٤ المحلى ٧/٥٤٩، ومعنى قوله (لو كان خلافه) يعني أنه لو سلم لهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع القاتل سلب قتيله، لكان ما قاله عليه السلام يوم حنين ناسخا لما كان في غزوة مؤتة".
٥ المغني ٨/٣٩٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>