للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحوزها والاستيلاء عليها، وليس من أصل الخمس، لأنه مقسوم على خمس، فهو إذا من خمس الخمس".

وقد نصّ الإمام أحمد على أن النفل يكون من أربعة أخماس الغنيمة، وهذا العطاء هو من النفل، نفل النبي صلى الله عليه وسلم به رؤوس القبائل والعشائر لتألفهم به وقومهم على الإسلام، فهو أولى من تنفيل الثلث بعد الخمس، والربع بعضه١، لما فيه من تقوية الإسلام وشوكته وأهله، واستجلاب عدوه إليه، هكذا وقع سواء كما قال بعض هؤلاء٢ الذين نفلهم: "لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه لأبغض الخلق إلي فما زال يعطيني حتى أنه لأحب الخلق إليّ" فما ظنك بعطاء قوى الإسلام وأهله، وأذل الكفر وحزبه، واستجلب به قلوب رؤوس القبائل والعشائر الذين إذا غضبوا، غضب لغضبهم أتباعهم، وإذا رضوا، رضوا لرضاهم، فإذا أسلم هؤلاء، لم يتخلف عنهم أحد من قومهم، فلله ما أعظم هذا العطاء وما أجداه وأنفعه للإسلام وأهله٣".أهـ.

والحاصل أن للعلماء في إعطاء المؤلفة قلوبهم يوم حنين ثلاثة أقوال:

القول الأول: "أنه من الخمس وبهذا قال الواقدي وابن سعد وأبو عبيد وابن حزم والحلبي ومال إلى هذا القول السهيلي، ورجحه القرطبي في (المفهم) ٤".

وهو اختيار القاضي عياض فقد نقل عنه النووي أثناء شرحه لحديث أنس بن مالك في إعطاء المؤلفة قوله: "ليس في هذا تصريح بأنه صلى الله عليه وسلم أعطاهم قبل إخراج الخمس، وأنه لم يحسب ما أعطاهم من الخمس، قال: "والمعروف في باقي الأحاديث


١ قوله: "فهو أولى بالجواز من تنفيل الثلث بعد الخمس والربع بعده"، معنى ذلكأن الإمام أو نائبه إذا دخل درا الحرب غازيا بعث سرية بين يديه تغير على العدو ويجعل لهم الربع بعد الخمس، فما قدمت به السرية من شيء أخرج خمسه ثم أعطى السرية ما جعل لهم وهو ربع الباقي ثم قسم ما بقي في الجيش والسرية معه، فإذا قفل راجعا بعث سرية تغير وجعل لهم الثلث بعد الخمس فما قدمت به السرية أخرج خمسه، ثم أعطى السيرة ثلث ما بقي ثم قسم باقيه في الجيش والسرية معه". (المغني لابن قدامة ٨/٣٧٩) .
٢ هو صفوان بن أمية". انظر: "ص (٦٩١) .
٣ زاد المعاد ٣/٤٨٤-٤٨٥".
٤انظر مغازي الواقدي ٣/٩٤٧-٩٤٨". والطبقات الكبرى لابن سعد ٢/١٥٣ وكتاب الأموال لأبي عبيد ص ٤٤٤-٤٤٧ و٤٥١-٤٥٢، وجوامع السيرة لابن حزم ص ٢٤٥ والسيرة الحلبية للبرهان الدين الحلبي ٣/٨٦ والروض الأنف للسهيلي ٧/٢٨٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>