للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: "وهذا هو الهدف الأساسي من التأليف هو ترغيب الناس في الدخول في هذا الدين الحنيف، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي على الإسلام ما لايعطي على غيره، فقد جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: قال: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه، قال: "فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: "يا قوم! أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة".

وفي لفظ: "أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين فأعطاه إياه فأتى قومه فقال: "أي قوم! فوالله! إن محمد ليعطي عطاء ما يخاف الفقر".

فقال أنس: "إن١ كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنياوما عليها"٢".

وذهب الحنفية والشعبي ومالك والشافعي إلى أن هذا المصرف "المؤلفة قلوبهم" إنما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال قلة عدد المسلمين وكثرة عدوهم، وأما بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فإنهم لا يعطون من الزكاة شيئا لزوال العلة التي من أجلها كان إعطاؤهم وهي الحاجة إليهم، فقد أعز الله الإسلام وأهله، وأغنى عن تألفيهم، فلا يعطى مشرك تأليفا بحال من الأحوال.

ورأوا أن حكمهم منسوخ بإجماع الصحابة على ذلك، فإن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما لم يعطيا المؤلفة قلوبهم شيئا من الصدقات، ولم ينكر عليها أحد من الصحابة فيكون إجماعا منهم ٣.

ورد هذا ابن قدامة بقوله:

ولنا: "كتاب الله وسنة رسوله، فإن الله تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين


(إن) هي المخففة من الثقيلة وإذا أهملت لزمتها اللام فارقة بينها وبين (إن) النافية وهي هنا مهملة لوجود اللام في جوابها "ليسلم". (شرح ابن عقيل ١/٣٧٨) .
٢ تقدم تخريجه برقم (١٩٤) وانظر حديث (١٩٧) .
٣ كتاب الإفصاح لابن هبيرة ١/٢٢٤-٢٢٥، المغني لابن قدامة ٢/٦٦٦، الهداية للمرغيناني١/١١٢،والشرح الكبير لأحمد الدردير مع حاشية الدسوقي١/٤٩٥، والأم للشافعي٢/٦١،والمنتقى للباجي٢/١٥٣،والمجموع للنووي٦/٢١٠، وكفاية الأخيار لتقي الدين أبي بكر الحسيني ١/١٢٢، نصب الراية للزيلعي ٢/٣٩٤-٣٩٥، نيل الأوطار للشوكاني ٤/١٨٧ وفتح القدير له ٢/٣٧٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>