للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمى الصدقة لهم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء"١.

وكان يعطي المؤلفة كثيرا في أخبار مشهورة، ولم يزل كذلك حتى مات، ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله إلا بنسخ والنسخ لا يثبت بالاحتمال، ثم إن النسخ، إنما يكون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لأن النسخ إنما يكون بنص، ولا يكون النسخ بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقراض زمن الوحي، ثم إن القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن، وليس في القرآن نسخ كذلك ولا في السنة، فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم، أو بقول صحابي أو غيره؟

على أنهم لا يرون قول الصحابي حجة يترك بها قياس، فكيف يتركون به الكتاب والسنة؟

وقال الزهري: "لا أعلم شيئا نسخ حكم المؤلفة على أن ما ذكروه من المعنى لا خلاف بينه وبين الكتاب والسنة، فإن الغنى عنهم لا يوجب رفع حكمهم وإنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا، فكذلك جميع الأصناف إذا عدم منهم صنف في بعض الزمان سقط حكمه في ذلك الزمان خاصة، فإذا وجد عاد حكمه، كذا هنا٢".

وقال الطبري: "والصواب من القول في ذلك عندي: "أن الله جعل الصدقة في معنيين: "أحدهما سد خلة المسلمين، والآخر معونة الإسلام وتقويته، فما في معونة الإسلام وتقوية أسبابه، فإنه يعطاه الغني والفقير، لأنه لا يعطاه من يعطاه بالحاجة منه إليه، وإنما يعطاه معونة للدين، وذلك كما يعطى الذي يعطاه بالجهاد في سبيل الله، فإنه يعطى ذلك غنياً كان أو فقيرا للغزو لا لسد خلته، وكذلك المؤلفة قلوبهم يعطون ذلك وإن كانوا أغنياء، استصلاحاً بإعطائهم أمر الإسلام، وطلب تقويته


١ هذا الحديث رواه أبو داود من حديث زياد بن الحارث الصدائي قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته، فذكر حديثا طويلا، قال: "فأتاه رجل فقال: "أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك".
(سنن أبي داود ١/٣٧٨-٣٧٩ كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغني) وفيه: "عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي" قال ابن حجر في التقريب ١/٤٨٠: "ضعيف في حفظه، ووقع في ميزان الاعتدال للذهبي٢/٥٦١ "عبد الله بن زياد".
٢ المغني ٢/٦٦٦ وفتح القدير للشوكاني ٢/٣٧٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>