للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في شهر رمضان سنة ثمان من مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فتح مكة سعد بن زيد الأشهلي، إلى مناة، وكانت بالمشلل للأوس والخزرج وغسان، فلما كان يوم الفتح بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد بن زيد الأشهلي، يهدمها فخرج في عشرين فارسا حتى انتهى إليها وعليها سادن، فقال السادن: ما تريد؟ قال: هدم مناة! قال: أنت وذاك! فأقبل سعد يمشي إليها وتخرج إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها، فقال السادن: مناة دونك بعض غضباتك! ويضربها سعد بن زيد الأشهلي وقتلها ويقبل إلى الصنم معه أصحابه فهدموه، ولم يجدوا في خزانتها شيئا، وانصرف راجعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك لست بقين من شهر رمضان١.

هكذا ذكر ابن سعد بدون إسناد.

?- وقيل أن الذي بعث لهدمها هو أبو سفيان بن حرب٢.

هذه هي أقوال العلماء فيمن بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهدم مناة وهذه الروايات مختلفة في تعيين الصحابي الذي هدم "مناة" كما أنها اختلفت أيضا في زمن الهدم، فيظهر من بعضها أنه حصل هدم "مناة" قبل الفتح، وهذا ما ذكره ابن الكلبي، وذكر الواقدي وابن سعد أن ذلك كان بعد الفتح، وهو خلاف لا أثر له؛ لأن الغاية التي تحققت هي هدم "مناة" هذا الصنم الذي يحتل مكانة خاصة في نفوس العرب، وتصرف له العبادة، من دون الله، فهو إذاً واحد من الآلهة المزعومة التي يقف عابدوها في وجه الدعوة الإسلامية، بل هو أعتى صنم عند القوم، من أجل ذلك أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهدمه، فبعث له من يقوم بهذه المهمة، وحين أراد تنفيذ هدمه اعترضه السادن قائلا: ماذا تريد؟ فقال الصحابي الجليل: أريد هدم مناة، فقال السادن: أنت وذاك، ثم قال بثقة غريبة: "مناة دونك بعض غضباتك" وهو يعتقد بأن إلهه سوف


(ابن سعد: الطبقات الكبرى٢/١٤٦-١٤٧، والواقدي: المغازي ٢/٨٦٩-٨٧٠) . وانظر: (الطبري: تاريخ الرسل والملوك ٣/٦٦، وابن عبد البر: الاستيعاب ٢/٤٧ مع "الإصابة"، وابن الأثير: الكامل ٢/١٧٧ وأسد الغابة ٢/٣٥٢، وابن قيم الجوزية: زاد المعاد ٣/٤١٤، وابن حجر: الإصابة ٢/٢٨) .
(ابن هشام: السيرة النبوية ١/٨٦، وابن كثير: التفسير ٤/٢٥٤ والبداية والنهاية ٢/١٩٢، وابن حجر الإصابة ٢/١٧٩ منسوبا لابن إسحاق) .

<<  <  ج: ص:  >  >>