للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخذ العلماء من هذا الحديث المسائل الآتية:

المسألة الأولى: "أن السائل عن أحكام العمرة كان عارفا بأحكام الحج، ولذا قال له صلى الله عليه وسلم: "وما كنت صانعا في حجك فاصنع في عمرتك".

قال النووي: "وهذا الحديث ظاهر في أن هذا السائل كان عالماً بصفة الحج دون العمرة، فلهذا قال له صلى الله عليه وسلم: "اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك" ١".

وقال ابن حجر: "وهذا الحديث دال على أنه كان يعرف أعمال الحج قبل ذلك".

قال ابن العربي: "كأنهم كانوا في الجاهلية يخلعون الثياب ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا، وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن مجراهما واحد".

وقال ابن المنير في "الحاشية" قوله "واصنع" معناه اترك لأن المراد بيان ما يجتنبه المحرم فيؤخذ منه فائدة حسنة وهي أن الترك فعل".

وأما قول ابن بطال أراد الأدعية وغيرها مما يشترك فيه الحج والعمرة ففيه نظر، لأن التروك مشتركة، بخلاف الأعمال فإن في الحج أشياء زائدة على العمرة كالوقوف وما بعده".

وقال الباجي: "المأمور به غير نزع الثوب وغسل الخلوق، لأنه صرح له بهما فلم يبق إلا الفدية٢، قال ابن حجر: "كذا قال ولا وجه لهذا الحصر، بل الذي تبين من طريق أخرى أن المأمور به الغسل والنزع، وذلك عند مسلم والنسائي من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء في هذا الحديث أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أهل بعمرة وعليه مقطعات٣ - يعني جبة - وهو متضمخ بخلوق فقال: "أهللت بعمرة فما أصنع؟ ". فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما كنت صانعا في حجك؟ ".


١ شرح النووي على صحيح مسلم ٣/٢٥٠، والمنتقى للباجي ٢/٢٠٢.
٢ انظر: "المنتقى للباجي: "٢/٢٠٢.
٣ مقطعات: "هي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة، وأوضحه في الحديث بقوله "يعني جبة" ومتضمخ: "بالضاد والخاء المعجمتين، أي متلوث به مكثر منه". (شرح النووي على صحيح مسلم ٣/٢٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>