للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند تفسير قوله تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} الآية١،

قال: والجمهور على أن المراد بالفتح ههنا فتح مكة ...

٢٢- وقد يستدل لهذا القول بما قال الإمام أحمد: حدثنا أحمد٢ ابن عبد الملك، حدثنا زهير٣، حدثنا حميد٤، عن أنس٥، قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغنا أن ذلك ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعوا لي أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أُحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم" ٦.

ثم قال ابن كثير: ومعلوم أن إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح الحديبية وفتح مكة، وكانت هذه المشاجرة بينهما في بني جذيمة، الذين بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد بعد الفتح، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فأمر خالد بقتلهم وقتل من أسر منهم، فخالفه عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر وغيرهما، فاختصم خالد وعبد الرحمن بسبب ذلك٧.

فهذا الصنيع من ابن كثير - رحمه الله تعالى - يدل على أنه لم يرتض ما قاله


١ سورة الحديد – آية: ١٠.
٢ أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، أبو يحيى الأسدي، ثقة تكلم فيه بلا حجة، من العاشرة (ت٢٢١) /خ س ق. (ابن حجر: التقريب١/٢٠،وتهذيب التهذيب١/٥٧) .
٣ زهير بن معاوية بن خديج، أبو خثيمة الجعفي الكوفي، نزيل الجزيرة، ثقة ثبت، من السابعة (ت٧٢ أو١٧٣ أو ١٧٤) /ع. (التقريب١/٢٦٥،وتهذيب التهذيب١/٣٥١) .
٤ حميد بن أبي حميد الطويل، أبو عبيدة البصري، ثقة مدلس، وعابه زائدة لدخوله في شيء من أمر الأمراء، من الخامسة (ت ١٤٢، ١٤٣) وهو قائم يصلي/ع. (التقريب ١/٢٠٢، وتهذيب التهذيب ٣/٣٨) .
٥ أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، خدمه عشر سنين، صحابي مشهور (ت٩٢ وقيل ٩٣) وقد جاوز المائة/ع. (ابن خجر: التقريب ١/٨٤، وتهذيب التهذيب ١/٣٧٦) .
٦ الحديث في مسند أحمد ٣/٢٦٦ وفيه حميد وهو مدلس وقد عنعن ولكن أصل المشاجرة بين خالد وعبد الرحمن بن عوف ثابتة في صحيح مسلم ٤/١٩٦٧ كتاب فضائل الصحابة (باب تحريم سب الصحابة) من حديث أبي سعيد الخدري قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شيء، فسبه خالد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه".
(ابن كثير: التفسير ٤/٣٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>