• "ذا متربة"«ذا» نصب نعت للمسكين. و «متربة» جر بالإضافة، ومعناه قد لصق بالتراب من شدة الفقر. ومن ذلك قولهم في الدعاء على الإنسان: تربت يداك، أي افتقرت. أخبرنا أبو عبد الله نفطويه عن ثعلب قال [يقال]: ترب الرجل إذا افتقر، وأترب إذا استغنى، ومعناه صار ماله كالتراب كثرة. فإن سأل سائل فقال: إذا كان الأمر كما زعمت فما [وجه] قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي استشاره في التزويج فقال [له]: «عليك بذات الدين تربت يداك» والنبي لا يدعو على أحد من المؤمنين؟ ففي ذلك أجوبة، والمختار منها جوابان: أحدهما أن يكون أراد عليه السلام الدعاء الذي لا يراد به الوقوع، كقولهم للرجل إذا مدحوه: قاتله الله ما أشعره، وأخزاه الله ما أعلمه، قال [الشاعر في امرأة يهواها وهو] جميل في بثينة:
رمى الله في عيني بثينة بالقذى ... وفي الغر أنيابها بالقوادحِ
[وفي وجهها الصافي المليح بقتمة ... وفي قلبها القاسي بود مماتح]
والجواب الثاني أن هذا الكلام مخرجه من الرسول صلى الله عليه وسلم مخرج الشرط، كأنه قال: عليك بذات الدين تربت يداك إن لم تفعل ما أمرتك [به. وهذا حسن، وهو اختيار ثعلب والمبرد].
• "ثم كان من الذين"«ثم» حرف نسق. «كان» فعل ماض، واسم كان مضمر فيها. «من الذين» جر بمن، ولا علامة للجر لأنه اسم منقوص.