للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قصيرة، ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه، وبيضته على رأسه، فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: "إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت، قال رستم: ائذنوا له، فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها، فقالوا له: ما جاء بكم؟ ، فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .. الخ" (١).

ولَوَقَف موقف المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - من رستم أيضا حينما هدد، واستشاط غضبا من المسلمين وأزبد وأرعد، وقال: أمرت لكم بكسوة ولأميركم ألف دينار وكسوة ومركوب.

فقال المغيرة - رضي الله عنه -: "أبعد أن أوهنا ملككم، وضعفنا عزكم، ولنا مدة نحو بلادكم، ونأخذ الجزية منكم عن يد وأنتم صاغرون، وستصيرون لنا عبيدا على رغمكم" (٢).

وهذا غيض من فيض من مواقف المسلمين وقادتهم العظام، حينما كانوا مع الله ورسوله قلبا وقالبا.

إن العالم الإسلامي متخم بالدول الإسلامية، الواسعة الأرجاء، المالكة لكثير من الثروات، ذات الدور الفعال في قلب الموازين السياسية والعسكرية في العالم، يلقي


(١) البداية والنهاية (٧/ ٤٩).
(٢) البداية والنهاية (٧/ ٥٠).

<<  <   >  >>