يلاحظ القارئ هنا أن أسلوب الآيات تحول من الغيبة إلى الخطاب، ولا غرابة في ذلك، ففيه إشارة إلى أن العبد تشبعت روحه بمعرفة الله تعالى وربوبيته للمخلوقات، ومعرفة أسمائه وصفاته، فتحول الخطاب بناء على هذه المعرفة، كأن العبد يرى ربه فيخاطبه، غير شاك في ألوهيته وأسمائه وصفاته، على حد ما ورد في ركن الإحسان، أن تعبد الله كأنك تراه، ثم إن التحول من الغيبة إلى الخطاب أسلوب عربي معروف، والقرآن نزل بلغة العرب، ومن المعقول عن العرب، أن من شأنهم إذا حكوا، أو أمروا بحكاية، أن يخاطبوا ثم يتحولوا إلى الإخبار عن غائب، ويخبرون عن غائب ثم يعودون إلى الخطاب، لما في الحكاية بالقول من معنى الغائب والمخاطب، كقولهم للرجل: قد قلتُ لأخيك، لو قمتَ لقمتُ، وقد قلتُ لأخيك، لو قام لقمتُ.