، صاروا كمن يعرف ما يشهده ويجهل ما يغيب عنه، ولو فقهوا لَعلموا أنّ لِما ظهر من الرسول - صلى الله عليه وسلم - باطنا خفي عنهم من أمر الله تعالى، فلذلك وصفهم بأنهم قوم لا يفقهون، وقيل:(لا يفقهون) أي: لا يستدركون عظمة الله تعالى ويشاهدون جلالة المؤمنين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - (ولا يعلمون أن ذلك بالله تعالى، وقيل: لا يفقهون من معنى المرسِل والرسول معنى المرسَل وعظمته فيتقون الله حق تقاته.
وأما قوله: (ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) فإنه بعد قوله: (بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى..) ، ومعناه: لا يجمعهم الحق على طريقة واحدة، بل هم أتباع أهوائهم فهم مختلفون باختلاف آرائهم، ولو عقلوا الرشد من الغيّ، لاجتمعوا على الحق فاختلافهم لأنهم لا يعقلون ما يدعو إلى طاعة الله ويهدي إلى ما قال الله:(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ..) ، فالحق سبيل واحد مستقيم، والباطل