أترون الأرض يمشي شجرها؟ فكذبوها، فقالت: أرى رجلاً يخصف نعله، أو ينتهش كتفاً. وهما على الناظر، من البعد، سواء. فكذبوها. فصبحهم تبع ذو حسان - ويقال: ذو آل حسان - وأخذ العنز، فاقتلع عينيها، فأصاب فيهما عروقاً سوداً، ويقال: حمراً. وهي - زعموا - أول من اكتحل بالإثمد. ويقال: إن النساء صواحب أبصاراً، والرجال أصحاب أسماعٍ. وقد ذكرها الأعشى في شعره، فقال:
قالت: أرى رجلاً، في كفه كتفٌ ... أو يخصف النعل، لهفي، أيةً صنعا؟
١٢ ... فكأن صالح أهل جوٍّ، غدوةً،
صبحوا، بذيفان السمام، المنقع
قال أبو بشر: كأن صالح أهل الجو صبحوا بسمٍ، فالآخرون أسوأ حالاً. ومثله "تذهل الشيخ عن بنيه". فإذا أذهلت الشيخ فهي لغيره أذهل.