للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال اقذفوا بالعلج من رأس شاهقٍ ... فهذا لعمر الله، من أعجب الخطب

قال: وكان النعمان بن امرئ القيس قد غزا أهل الشام مرارا، وأكثر المصائب فيهم، وسبى، وغنم. وكان من أشد الناس نكاية في عدوه، وأبعدهم مغاراً فيهم. وكان ملك فارس جعل جمعه كتيبتين، يقال لإحداهما: دوسر، وهي لتنوخ، وللأخرى: الشهباء. وهي لفارس. وهما اللتان يقال لهما: القبيلتان. فكان يغزو بهما بلاد الشام، ومن لم يدن له من العرب.

فجاس يوماً في مجلسه، من الخورنق، فأشرف منه على النجف، وما يليه من البساتين والكروم والأنهار، مما يلي المغرب، وعلى الفرات، مما يلي المشرق، وهو على متن النجف، في يوم من أيام الربيع. فأعجبه ما رأى من الخضرة والنور والأنهار، فقال لوزيره وصاحبه: هل رأيت مثل هذا المنظر؟ قال: لا، لو كان يدوم. قال: وأي شيء يدوم؟ قال: ما عند الله، عز وجل، في الآخرة. قال له: بم ينال ذلك؟ قال: بتركك الدنيا، وإقبالك على عبادة الله، تعالى، والتماس ما عنده. فترك ملكه من ليلته، وليس المسوح، وخرج يسيح في الأرض، لا يعلم به.

وأصبح الناس لا يعلمون بحاله، فحضروا بابه، فلم يؤذن لهم عليه،

<<  <   >  >>