عدي: تهيأ واستعد، ولا تبطلن دم خالك. فقال: كيف لي بها، وهي أمنع من عقاب الجو؟ وكانت الزباء سألت كاهنةً لها، عن أمرها، وملكها. فقالت: أرى هلاكك على يدي غلامٍ، مهين، غير أمين، وهو عمرو بن عدي. ولن تموتي إلا بيده. ولكن حتفك بيدك، ومن قبله يكون ذلك فحذرت الزباء عمراً، واتخذت نفقاً من محبسها الذي كانت فيه تجلس إلى حصن لها داخل مدينتها. وقالت: إن فجئني أمرٌ دخلت النفق إلى حصني. ودعت رجلاً مصوراً، من أجود أهل بلادها تصويراً. وكان من أحسنهم عملاً، وأحذقهم حذقاً. فجهزته، وأحسنت إليه. وقالت له: سر حتى تقدم على عمرو بن عدي متنكراً، فتخلو بحشمه. وتنضم إليهم، وتعلمهم ما عندك. وأثبت معرفة عمرو بن عدي، فصوره قائماً وقاعداً وراكباً، ومتفضلاً ومتسلحاً بهيئته، ولبسه وثيابه ولونه. فإذا أحكمت ذلك فأقبل إلي: فانطلق المصور حتى قدم على عمرو بن عدي، فصنع لها الذي أمرته، وبلغ ما أوصته. ثم رجع إليها بعلم ذلك. وإنما أرادت أن تعرف عمرو بن عدي، فلا تراه على حال إلا عرفته، وحذرته.