تقدم قصير فبشرها، وأعلمها كثرة ما حمل إليها من الثياب والطرائف، وسألها أن تخرج فتنظر إلى قطرات الإبل، وما عليها من الأحمال، [وقال لها] : فإني جئتك بما ضاء وصمت. فذهبت مثلاً. فخرجت الزباء، فأبصرت الإبل تكاد تسوخ قوائمها من ثقل أحمالها. قال أبو عبيدة: فصنع لها شعر تكلمت به - فقالت:
ما للجمال مشيها وئيا؟ ... أجمدلاً يحملن، أم حديدا
أم صرفاناً، بارداً، شديداً ... أم الرجال، قبضاً، قعود؟
فدخلت الإبل المدينة، حتى كان آخرها بعيراً، مر على بواب المدينة، وهو نبطي، فنخش الغرارة التي تليه، فأصاب خاصرة الرجل الذي فيها، فضرط. فقال البواب لما سمع ذلك: بشتا بشقا، وراعب قلباً. وهو بالعربية: الشر في الجوالق. فلما توسطت الإبل المدينة، وانيخت، دل قصير عمراً على النفق. وأقبلت الزباء، تريد النفق الذي كانت فيه قبل ذلك. ولما دل قصير عمراً على النفق، وأراه إياه، خرج الرجال