للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ فِي غَايَةِ الفَضْلِ، لمَا تَحَلَّى بِهِ مِنْ كَرِيمِ الخِصَالِ وَجَمِيلِ الصِّفَاتِ: فَكَانَ سَخِيَّ النَّفْسِ، عَالِمًا عَابِدًا وَرِعًا تَالِيًا لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى، عَفِّ اللِّسَانَ عَنِ الكَلَامِ فِي النَّاسِ، عَدْلًا فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ، لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ غَنيٍّ وَفَقِيرٍ، أَوْ قَويٍّ أَوْ ضَعِيفٍ، أَوْ ذِي مَنْصِبٍ وَجَاهٍ، وَرِعٌ فِي مُعَامَلَاتِهِ، يَتَّقِي أَدْنَى شُبْهَةٍ، شَدِيدَ الِاحَتَّياطِ فِي حُقُوقِ العِبَادِ.

وَقَدْ كَانَ يُصَلِّي فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَكَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ خَتْمَةً، وَكَانَتْ لَهُ جِدَةٌ وَمَالٌ جَيِّدٌ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا، وَكَانَ يُكْثِرُ الصَّدَقَةَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَكَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، مُسَدَّدَ الرَّمْيَةِ، شَرِيفَ النَّفْسِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: «دُعِيَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيْلَ إِلَى بُسْتَانِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَلَّى بِالقَوْمِ الظُّهْرَ، قَامَ يَتَطَوَّعُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، رَفَعَ ذَيْلَ قمِيصِهِ، فَقَالَ لبَعْضِ مَنْ مَعَهُ: انظُرْ هَلْ تَرَى تَحْتَ قَمِيصِي شَيْئًا؟ فَإِذَا زُنْبُورٌ قَدْ أَبَرَهُ فِي سِتِّةِ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَقَدْ تَوَرَّمَ مِنْ ذَلِكَ جَسَدُهُ. فَقَالَ لَهُ بَعْضُ القَوْمِ: كَيْفَ لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الصَّلَاةِ أَوَّلَ مَا أَبَرَكَ؟ قَالَ: كُنْتُ فِي سُوْرَةٍ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُتِمَّهَا» (١).


(٧) «تَارِيخُ بَغْدَادَ» (٢/ ١٢ - ١٣)، وَ «سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» (١٢/ ٤٤٢).

<<  <   >  >>