للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ عُيَيْنَةَ، فَقَالَ: أَشْفَانِي مِنْكَ عَقْلُكَ، قَالَ اللَّهُ : ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾) (١).


(١) [الأَعْرَاف: ١٩٩].
وَيُشِيرُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِهَذِهِ الآثَارِ فِي بِرِّ الوَالِدَيْنِ، إِلَى أَنَّ المُسْلِمَ الحَقَّ الَّذِي تَظْهَرُ عَلَيْهِ آثَارُ الإِسْلَامِ وَشَعَائِرُهُ وَأَمَارَاتُهُ، هُوَ الَّذِي يَكُفُّ أَذَى لِسَانِهِ وَيَدِهِ عَنِ المُسْلِمِينَ، فَلَا يَصِلُ إِلَى المُسْلِمِينَ مِنْهُ إِلَّا الخَيْرُ وَالمَعْرُوفُ. وَهَذَا مِنَ الأَمَارَاتِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ، فَهَذِهِ النُّصُوصُ فِيهَا تَوْجِيهٌ وَإِرْشَادٌ إِلَى الكَفِّ عَنِ أَذِيَّةِ النَّاسِ بِاللِّسَانِ وَاليَدِ فَلَا يُؤْذِي المُسْلِمُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بِقَوْلٍ وَلَا بِفِعْلٍ، وَخُصَّتْ اليَدُ بِالذِّكْرِ، لِأَنَّ مُعْظَمَ الأَفْعَالِ بِهَا. وَكَفُّ أَذَى اللِّسَانِ يَكُونُ بِالِامْتِنَاعِ عَنِ الكَلَامِ فِي أَعْرَاضِهِمْ فَلَا يَغتَابُ أَحَدًا وَلَا يَسْعَى بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ وَلَا يَرْمِي أَحْدًا بِبُهْتَانٍ أَوْ يَتَّهِمُهُ بِفِرْيَةٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِتَنْزِيهِ لِسَانِهِ عَنِ السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَالقَوْلِ الفَاحِشِ وَالتَّحْقِيرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ وَالسُّخْرِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الأَذَى. وَإِنْ كَانَ هَذَا فِي حَقِّ النَّاسِ قَبِيحٌ، فَهُوَ فِي حَقِّ الوَالِدَيْنِ أَقْبَحُ.

<<  <   >  >>