للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قَوْلُهُ: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ".
"مَا سَلَفَ": السَّالِفَةُ مُقَدَّمُ صَفْحَةِ العُنُقِ وسُمِّيتْ سَالِفَةً لأنَّهَا تَتَقَدَّمُ البَدَنَ، وَسَالِفُ كُلِّ شْيءٍ أَوَّلُهُ. "غَرِيبُ الحَدِيثِ" لِلخَطَّابِيِّ (١/ ١١٧).
وَقَدْ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِيمَنْ عَمِلَ خَيْرًا فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ، هَلْ يُعْتَدُّ لَهُ بِثَوَابِ ذَلِكَ وَيُنْتَفَعُ بِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
القَوْلُ الأَوَّلُ: أَنَّ الكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ لَا يُثَابُ عَلَى مَا فَعَل مِنْ خَيْرٍ فِي حَالِ كُفْرِهِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ: بِأَنَّ الكَافِرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّقَرُّبُ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ المُتَقَرِّبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالمُتَقَرَّبِ إِلَيْهِ، وَهَذَا الكَافِرُ حِينَ فِعْلِهِ لِلخَيْرِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ العِلْمُ بِاللهِ بَعْدُ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُثَابُ عَلَيْهِ. وَأَصْحَابُ هَذَا القَوْلِ بَعْدَ التَّقْرِيرِ السَّابِقِ ذَهَبُوا إِلَى تَأْوِيلِ حَدِيثِ البَابِ عَنْ ظَاهِرِهِ إِلَى عِدَّةِ تَأْوِيلَاتٍ:
فَقِيْلَ: مَعْنَى: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ". أَيْ: اكْتَسَبْتَ طِبَاعًا جَمِيلَةً وَأَنْتَ تَنْتَفِعُ بِتِلْكَ الطِّبَاعِ فِي الإِسْلَامِ وَتَكُونُ تِلْكَ العَادَةُ تَمْهِيدًا لَكَ وَمَعُونَةً عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ.
وَقِيْلَ: مَعْنَاهُ اكْتَسَبْتَ بِذَلِكَ ثَنَاءً جَمِيلًا فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْكَ فِي الإِسْلَامِ.
وَقِيْلَ: مَعْنَاهُ بِبَرَكَةِ مَا سَبَقَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ هَدَاكَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الإِسْلَامِ وَأَنَّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ خَيْرٌ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى سَعَادَةِ آخِرِهِ. =

<<  <   >  >>