للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن حرم ملكه لم يحرم، وإن استباحه كفر

ــ

لعدم أهليته لليمين لقوله تعالى: {إنهم لا أيمان لهم} (التوبة: ١٢) وعن هذا قلنا: إنه لو ارتد بعدما حلف مسلما ثم أسلم فحنث لا يلزمه الكفارة وكذا لو نذر ما هو قربة من صدقة أو صوم لا يلزمه شيء وقوله تعالى: {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم} (التوبة: ١٢) فالمراد بها صور الإيمان التي أظهروها وأما تحليف القاضي وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (تبرئكم اليهود بخمسين يمينا) فالمراد كما قلنا صور الأيمان إذ المقصود منها رجاء النكول والكافر وإن ثبت اليمين في حقه شرعا لكنه يعتقد حرمة اليمين بالله تعالى فيمتنع عنه فشرع إلزامها بصورة لهذه الفائدة (ومن حرم ملكه) [٢٧٩/ب] على نفسه بأن قال / مالي أو ثوبي أو جاريتي أو ركوب دابتي علي حرام (لم يحرم) لأن فيه تغيير المشروع، والقادر على ذلك إنما هو رب العالمين (وإن استباحه) أي: طلب أن يكون مباحا كما كان (كفر) فيه إيماء إلى أنه يمين وكان كذلك لقوله تعالى: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} (التحريم: ٢) بعد قوله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} (التحريم: ١) قال أنس: (كانت له أمة يطؤها فلم تزل عائشة وحفصة به حتى حرمها على نفسه) رواه النسائي قيل: فيه نظر لأنه - صلى الله عليه وسلم - حلف صريحا فنزلت بأن قال: (والله لا أقربها)، كما في (الكشاف).

وأجاب في (الفتح): بأن الحلف لم يذكر في الآية ولا في الحديث فلا يجوز أن يحكم به وتقد به حكم النص، وقيل: إنما حرم الفعل والتقيين بالملك اتفاقي فإن نحو كلام زيد علي حرام، يمين وعبارة القدوري ومن حرم على نفسه شيئا مما يملكه لم يحرم، قال في (الفتح): لو أريد بلفظ شيئا ما هو أعم من الفعل دخل نحو كلام زيد انتهى.

وهو ظاهر في أن القول داخل في مسمى الملك أيضا، وهذا لأنه القدرة على المتصرف والتصرف في كل شيء مما يليق به ويدل عليه قولهم بصحة الإجارة على الأقوال، كالأذان وهي تمليك المنافع، فالأقوال منافع مملوكة وعليه فهو أيضا اتفاقي لأن قوله: هذا الطعام علي حرام لطعام لا يملك أيضا لأن حرمته لا تمنع كونه حالفا، ألا ترى أنه لو قال الخمر علي حرام فالمختار للفتوى أنه إن أراد الإنشاء كفر، أو الإخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>