للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[كتاب الصوم]

ــ

[كتاب الصوم]

ذكره محمد بعد الصلاة لأن كل منهما عبادة بدنية إذ هو ترك الأعمال البدنية وذكره المصنف كغيره بعدا لزكاة لما مر من أن قرآن الصلاة بها في آيات كثيرة فلزم تأخير الصوم وقدمه على الحج لإفراده وتركيب الحج من المال والبدن على أن هذا الترتيب جاء في قوله: {والخاشعين والخاشعات} [الأحزاب: ٣٥] وفي قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) الحديث فاقتضت الحكمة أن يبدأ في التكليف بالأخف وهو الصلاة ويثني بالوسط وهو الزكاة ويثلث بالأشق وهو الصوم لأن المنع من الأكل يومًا كاملاً أشق على النفوس ولاسيما المتنعمة قال في (البحر): ولو قال الصيام لكان أولى لما في (الظهيرية) لو قال: لله على صوم لزمه يوم ولو قال: صيام لزمه ثلاثة كما في قوله تعالى: {ففدية من صيام} [البقرة: ١٩٦] انتهى.

وأقول: لعل وجهه أنه أريد بلفظ صيام في لسان الشارع ثلاثة أيام فكذا في النذر خروجًا عن العهدة بيقين بخلاف صوم، وتوهم في (البحر) أن الصيغة لها دلالة على التعدد ولا شك أن الصوم له أنواع ثلاثة فادعى أن الأولى صيام وهو ممنوع فقد قال القاضي في (تفسيره): الآية بيان لجنس الفدية، وأما قدرها فبينة عليه الصلاة والسلام في حديث كعب فإن قلت: صرحوا بأن صيامًا جاء جمعًا لصائم قلت: هذا لا يصح مرادًا في الآية ولا في الترجمة كما يدركه الذوق السليم والطبع المستقيم على أن/ أل الداخلة على الجمع تبطل معنى الجمعية فتدبره وهو لغة مطلق الإمساك [١١٦/ أ] قال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم كذا في (الصحاح) وفي (المغرب) هو إمساك الإنسان عن الأكل والشرب ومن مجازه صيام الفرص إذا لم يعتلف ومنه قول النابغة:

خيل صيام وأخرى غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى علك اللجما.

وعرفًا ما سيأتي واختلف في سببه فاختار السرخسي أنه شهود الشهر والدبوسي وغيره أنه الجزء الذي لا يتجزأ من كل يوم أن بين اليومين ما لا يصح الصوم فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>